قال أبو ذر : هذا الجامع له منارة عظيمة ، وهو جامع له صحن لطيف وقبليته غربي الصحن مقبوة بالأحجار (١) وبنى إلى جانبه موسى الصيرفي المهاجر إلى دين الإسلام ، حسن إسلامه وحج إلى بيت الله الحرام سنة سبع وثلاثين ، وكان رفيقنا في الحج ، تربة ومسجدا وجعل بينهما بابا ، وجعل في مسجده بركة ماء وسقف مسجده بالأخشاب ، وليس فيما عمره طائل إنما هو من اللبن والحوارة ، ودفن أولاده في جانب هذا المسجد ا ه.
أقول : ليس في هذا الجامع شيء من الزخرفة إنما بناؤه في غاية الإحكام. وفي وسط القبلية قاعدة عظيمة يبلغ طولها سبعة أذرع ونصف وعرضها أزيد من ذراعين وعليها ارتكز بناء الجامع. ومنارته مربعة الشكل على نسق المنارة التي في جامع باب أنطاكية درجاتها ٧٤ ويبلغ ارتفاعها ٢٢ ذراعا وعرضها ٤ أذرع. وكان غربي الصحن عدة قبور درست منذ نحو ستين عاما واتخذ موضعها مزرعة غرس فيها بعض الأشجار. وفي طرف الصحن من الجهة الشرقية قبران ، وهناك أيضا قبر آخر كتب على لوحه سنه ٨٨٧ يغلب على الظن أنه قبر موسى الصيرفي المتقدم ذكره. والبركة التي ذكرها أبو ذر كانت صغيرة وسعت سنة ١٣١٦ من وصية الحاج صالح الموقع.
٥٥٢ ـ محمد بن عبد الأحد المخزومي المتوفى سنة ٨٤١
محمد بن عبد الأحد بن عبد الرحمن بن عبد الخالق بن مكي بن يوسف بن محمد الشمس أبو الفضائل ابن القاضي الزين أبي المحاسن المخزومي الخالدي نسبا العلوي الحسيني سبط ... الحراني الأصل ، الحلبي ثم المصري ، ويعرف باسم أبيه وبابن الشريفة.
ولد فيما قال ليلة الجمعة سادس شوال سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بحلب ونشأ بها ، فقرأ القرآن وتفقه بأبيه فبحث عليه نصف المقنع ثم أكمله إلا قليلا في القاهرة على الشمس الشامي ، وكذا أخذ ألفية ابن عبد المعطي بحثا عن أبيه وكثيرا من ألفية ابن مالك عن يحيى العجيسي ، وبحث في أصول الدين على الشمس ابن الشماع الحلبي ، وفضل ونظم الشعر وكتب في توقيع الدست بحلب والقاهرة. وسافر مع امرأة نوروز الحافظي فماتت في اللجون ، فلما لقيه زوجها أحسن إليه وضمه إلى بعض أمراء حماة ، فمكث عنده وانضم
__________________
(١) لا أثر لهذا الصحن الآن فإن أمام القبلية من شرقيها ساحة واسعة.