قدم من بلاده إلى دمشق فأقام بها مدة ، واشتغل في الفقه على علمائها ، ثم قدم حلب وحضر المدارس مع الفقهاء ، وناب في قضاء تيزين عن الشرف الأنصاري. وكان فاضلا في الفقه وفروعه مقتصرا عليها. مات بتيزين في سنة ثلاث (وثمانمائة) ، ذكره ابن الناصرية وكذا شيخنا في إنبائه وقال عنه : إنه اشتغل كثيرا في الفقه وغيره ، وقرره الأنصاري في قضاء الباب ثم تيزين ا ه.
٤٦٨ ـ شرف الدين موسى الأنصاري المتوفى سنة ٨٠٣
موسى بن محمد بن محمد بن جمعة بن أبي بكر شرف الدين أبو البركات الأنصاري الحلبي الشافعي ابن أخي الشهاب أبي العباس أحمد الأنصاري الخطيب.
ولد في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ، ونشأ في كنف عمه فأقرأه ، واشتغل كثيرا وتفقه بالأذرعي وبالشمس محمد العراقي شارح الحاوي ، ثم ارتحل إلى القاهرة فأخذ بها عن الأسنوي والولوي المنفلوطي والبلقيني وغيرهم ، وسمع بها وبحلب وغيرهما ، ومن شيوخه في السماع أحمد بن مكي الأيكي زغلش والعلاء مغلطاي. ولا زال يدأب حتى حصل طرفا جيدا من كل علم ، ودرس بالأسدية والعصرونية من مدارس حلب ، وولي قضاءها عن الظاهر برقوق فحمدت سيرته ، ولكنه عزل مرة بعد أخرى ، وكذا ولي خطابة جامعها بعد موت ولي الدين بن عشائر. وشرح الغاية القصوى للبيضاوي فكتب منه قطعة. وكان قاضيا فاضلا دينا عفيفا خيرا كثير الحياء لا يواجه أحدا بمكروه. مات في رمضان سنة ثلاث (وثمانمائة) ودفن بحلب. ذكره ابن خطيب الناصرية وهو ممن أخذ عنه ، وذكره شيخنا في إنبائه فأخر جمعة عن أبي بكر وقال : إنه أدمن الاشتغال حتى مهر ، وأفتى ودرس وخطب بجامع حلب واشتهر ، ثم ولي القضاء في زمن الظاهر مرارا ، ثم أسر مع اللنكية ، فلما رجع الملك عن البلاد الشامية أمر بإطلاق جماعة هو منهم ، فأطلق من أسرهم في شعبان ، فتوجه إلى أريحا وهو متوعك فمات بها.
وكان فاضلا دينا كثير الحياء قليل الشر ، وهو في عقود المقريزي رحمهالله ا ه.
وفي تاريخ آخر أنه توفي بأريحا في ثامن رمضان من السنة ونقل إلى حلب ا ه. وهو ممن كان مع ابن الشحنة في مجلس تيمور لنك كما تقدم.