واستمر الأمير أشقتمر في نيابته هذه إلى أن عزل عنها بالأمير منكلي بغا الأحمدي وقبض عليه وحبس بالإسكندرية مدة ، ثم أطلق من السجن ورسم له بالإقامة بالقدس بطّالا ، فتوجه إلى القدس فأقام به إلى أن أعيد إلى نيابة حلب خامس مرة عوضا عن الأمير تمرباي الأفضلي الأشرفي سنة إحدى وثمانين ، ثم نقل بعد عشرة أشهر إلى نيابة دمشق عوضا عن الأمير بيدمر في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وسبعماية إلى أن عزل في شهر المحرم سنة أربع وثمانين ورسم له بالتوجه إلى القدس بطّالا ، فدام بالقدس إلى أن أعيد إلى نيابة الشام من قبل الملك الظاهر برقوق في سنة ثمان وثمانين ، ثم عزل بعد أربعة أشهر بحكم عجزه ورسم له بالإقامة بحلب بطّالا ، فأقام إلى أن توفي بها في شهر شوال سنة إحدى وتسعين وسبعماية.
وكان أميرا جليلا شهما شجاعا مدبرا سيوسا ذا رأي ودهاء ومعرفة ، مع دين وعدل في الرعية ، طالت أيامه في السعادة والولايات الجليلة وتردد في نيابة حلب منذ كان الملك الظاهر جنديا إلى أن وليها من قبله وهو سلطان. وكان مشكور السيرة في أحكامه يميل إلى الخير والصلاح ، ولكنه كان مغرما بجمع المال وعمر أملاكا كثيرة بحلب وعمر عند باب النيرب (في محلة القصيلة) مدرسة وقرر فيها طلبة ومقرئين ، وله عدة مآثر رحمهالله تعالى ا ه.
أقول : ذكرت في الجزء الثاني (ص ٣٦٣) ولاية قشتمر المنصوري لحلب سنة ٧٧٠ وأنه قتل في هذه السنة هو وولده محمد ودفنا في جامع المقامات (خارج باب المقام) ، وذكرت ما كتب على قبريهما ، ثم ذكرت أن من آثاره الجامع المعروف بالسكاكيني في محلة القصيلة وتربة ظاهر باب المقام ، وذلك سهو مني نشأ من تقارب الاسمين. والصواب أن الباني للجامع وهو مدرسة أيضا أشقتمر المنصوري صاحب هذه الترجمة ، ويرشدك إلى ذلك أن الجامع بني سنة ٧٧٣ كما هو مكتوب على بابه كما تقدم وقشتمر كانت وفاته سنة ٧٧٠.
الكلام على تربة أشقتمر :
قال أبو ذر في الكلام على الترب : (تربة أشقتمر) : شمالي الفردوس ، أنشأها أشقتمر كافل حلب ، وكان إذا عزل عن حلب يجلس فيها. وهذه التربة محكمة البناء لها بوابة وعليها