قوله : عبادة الذاهل. ( ١ : ١٩٣ ).
إن أراد الذهول عن صورة العزم ونقشه فليس ذلك بمقتض لبطلان عبادة هذا الذاهل قطعا ، وإن أراد عدم عزمه لفعل ما بقي لله تعالى ولم يفعل الباقي بقصد القربة والإخلاص وعزم الامتثال ، فدعوى قطعية البطلان باطلة ، سيما بملاحظة ما ذكره ابن زهرة من أنّ الفرض الثالث استمرار حكم النية إلى حين الفراغ ، وذلك بأن يكون ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها ، بالإجماع (١). انتهى.
قوله : الثالث أنّ ما ذكره. ( ١ : ١٩٣ ).
لم أفهم كلام الشهيد ـ رحمهالله ـ بأن مراده من الباقي والمؤثر ما ذا ، والاحتياج في أي شيء حتى أفهم اعتراض الشارح ، وأنه وارد عليه أم لا.
والذي يظهر من كلامه أن مراده من الباقي هو أجزاء العبادة التي يريد المكلف أن يأتي بها بعد النية ، ومراده من المؤثر هو النية التي هي علة غائية في وجودها.
وهو في غاية الفساد ، لأنّ الأجزاء لم تكن موجودة ولا تكون باقية بالبديهة ، وما ادّعى أحد ولا توهم متوهم ولا يمكن أن يتوهم ، لأنّها معدومة حال النية بالبديهة ، تحدث شيئا فشيئا بعد النية وتخرج من العدم إلى الوجود ، وبعد الوجود تعدم ولم يكن لها بقاء أصلا حتى يقال : إنّها في حال الوجود يحتاج إلى المؤثر دون حال البقاء ، فتأمّل.
والأظهر أنّ مراده من الباقي أثر النية أعني الصحة. وفيه : أنّه لم يظهر بعد (٢) نفس الأثر فكيف بقاؤه ، مع أنّه ـ رحمهالله ـ اعترف بأنّ مقتضى الدليل اعتبار الاستدامة الفعلية ، وهذا يقتضي أن يكون بدونها غير
__________________
(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٣.
(٢) ليس في « ه ».