وعدمه لا دخل لهما في المعنى الحقيقي للماء ، ولا مانع فيه من التكليف به ما أمكن امتثاله ، ولو بارتكاب مقدمة ، وشغل الذمة اليقيني يستدعي البراءة يقينا.
على أن الامتثال العرفي لا بدّ منه قطعا ، لأنا مكلفون بالإطاعة ، وهي امتثال الأمر ، والمرجع فيه إلى العرف ، ولا شك في عدم تحققه إلاّ بارتكاب الوضوءين أو الوضوء والتيمم ( للأمر بالطهور للصلاة ) (١) ، و (٢) لأن الطهور شرط لصحة الصلاة ، والشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط.
ولا يمكن الاستناد إلى مثل « رفع عن أمتي ما لا يعلمون » ، لتحقق العلم ، مضافا إلى عدم شموله لمثل ما نحن فيه ، لاستلزامه إما رفع التكليف بالمرة ، أو الحكم بالترجيح بلا مرجح شرعي في التعيين شرعا ، وكلاهما فاسدان ، أو رجوع الواجب المعين إلى المخير ، وهو خلاف مقتضى الدليل.
على أنه لو كان الماء الذي يجب استعماله هو ما علم كونه ماء مطلقا يلزم من ذلك أنه لو كان المستعمل متيقنا بكون شيء ماء ولهذا توضأ به ثم انكشف له أنه لم يكن ماء يكون وضوؤه ذلك صحيحا مجزيا لصحة الصلاة ، لأنه حين وضوئه كان عنده أنه معلوم المائية ، ولا يخفى فساده.
وأما الإجزاء لو لم ينكشف إلى يوم القيامة فلأجل أنه عنده ماء واقعا ( ولا تقصير له في ذلك ، و ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها ) ، فالإجزاء إنما هو لأجل أنه عنده ماء واقعا ) (٣) لا لأجل أن الماء هو معلوم المائية.
لا يقال : لعل وجوب الإعادة يكون لظهور عدم المطابقة التي هي
__________________
(١) ما بين القوسين أثبتناه من « أ » و « ه ».
(٢) أثبتناه من « ه ».
(٣) ما بين القوسين ليس في « أ » و « د ».