أو البئر مباح ، ويراد بالقوم جميع المسلمين ، وقد يشكل الحال بأنّ من لا يعلم لا حرج عليه ولا نفرة له ، إلّا أن يقال : إنّ السبب لا يجوز فعله . وفيه ما فيه ، وعلىٰ كلّ حال فلا يمكن الرجوع إلىٰ ضابط في الإفساد جزماً يرجع إليه ، فعلىٰ تقدير عدم العموم في الإفساد يراد ما يتحقق به ، ولا ريب أنّ إرادة غير النجاسة لا وجه لاختصاصه ، بل الظاهر إمّا النجاسة أو هي وما ضاهاها والحصر في غيرها محل كلام .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الحديث يدل بظاهره علىٰ ما قالوه : إنّ غسل الجنب في البئر يفسده ، والإفساد إمّا لسلب الطهوريّة أو سلب الطهارة ، وبالأول قال جماعة (١) وصرّح جدي قدسسره بالثاني في شرح الإرشاد ، فإنّه قال : والعلّة فيه ـ أي في النزح ـ نجاسة البئر بذلك وإن كان بدنه خالياً من نجاسة ، ولا بعد فيه بعد ورود النص (٢) . وهذا غريب منه قدسسره فإنّ النص لا صراحة فيه ، ومع الاحتمال كيف يتم ما ذكره .
أمّا ما ذكره بعض : من أن مقتضىٰ الخبر النهي عن الإفساد ، فإذا كان الغسل مفسداً كان منهياً عنه ، ومع النهي لا إفساد لفساد الغسل ، فلا يتمّ الاستدلال بالرواية (٣) .
فقد اُجيب عنه : بأنّ النهي ليس عن العبادة ، بل عن الوقوع في الماء وإفساده ، وهو إنّما يتحقق بعد الحكم بطهر الجنب لا بمجرّد دخوله في البئر ، فلا يضر هذا النهي لتأخّره وعدم كونه عن نفس العبادة . إلّا أن يقال : الوسيلة إلىٰ المحرّم محرّمة وإن كانت قبل زمانه (٤) . وفيه بحث ذكرناه في موضعه .
__________________
(١) منهم المحقق في المعتبر ١ : ٧٠ ، والعلّامة في المختلف ١ : ٥٥ .
(٢) روض الجنان : ١٥٤ .
(٣) جامع المقاصد ١ : ١٤٣ ، ونقله عنه في مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٧٥ .
(٤) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٧٥ ، روض الجنان : ١٥٤ .