الحاجة غير معلوم ، والممنوع منه ذلك ، كما بينّاه فيما سبق ، حيث ظن شيخنا قدسسره من بعض ما حمله الشيخ في الأخبار أنّ فيه ألغازاً و ( تأخيراً للبيان عن ) (١) وقت الحاجة .
وأنت إذا تأمّلت ما قلناه ترىٰ أنّ غالب الأخبار المطلقة والمجملة والمقيدة والمبيّنة من هذا القبيل فلا محذور ، فلولا ما قلناه لانسدّ باب حمل المطلق علىٰ المقيد ، فينبغي إنعام (٢) النظر في هذا المقام فإنه حريّ بالتأملّ التام .
وما تضمنه الخبر الثاني من قوله : عليها غسل مثل غسل الجنب ، محتمل لأن يراد به السؤال عن الكيفيّة ، فيكون السائل عالماً بالوجوب وإنّما السؤال عن الكيفية ، ويحتمل أن يراد السؤال عن الوجوب ، أي كما يجب عليها غسل الجنابة يجب عليها غسل الحيض ، والجنب يقال علىٰ الواحد المذكر والمؤنث ، صرّح به ابن الأثير في إحكام الأحكام ، إلّا أنّ الاحتمال الأوّل أقرب ، ولزوم السؤال عن الضروري فيتعين الأوّل ربما كان مشترك الإلزام .
وعلىٰ الاحتمال الأوّل قد يستفاد من الخبر ـ بتقدير العمل به ـ عدم وجوب الوضوء مع غسل الحيض ، بل عدم مشروعيّته إلّا علىٰ وجه غير خفي .
ويمكن أن يقال : إنّ السؤال عن كيفية الغسل ، والوضوء خارج عنها ، فإذا دل عليه الدليل عمل به ، فليتأمّل .
__________________
(١) ما بين القوسين في « رض » هكذا : تأخير البيان .
(٢) أنعم في الأمر : بالغ كأمعن ، وأنعم النظر في كذا أي : حقّق النظر وبالغ فيه . أقرب الموارد : ٢ / ١٣٢١ .