وخصوصية للآل دون غيرهم ، وذلك أن الله عز وجل حكى في ذكر نوح في كتابه : ( وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ) (١) .
وحكى عز وجل عن هود الله أنه قال : ( يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) (٢) ، وقال عز وجل لنبیه محمد صلىاللهعليهوآله : ( قُل - يا محمد - لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٣) ، ولم يفرض الله تعالى مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبداً، ولا يرجعون إلى ضلال أبداً .
وأخرى أن يكون الرجل واداً للرجل فيكون بعض أهل بيته عدواً له ، فلا يسلم له قلب الرجل ، فأحب الله عز وجل أن لا يكون في قلب رسول الله له على المؤمنين شيء، ففرض الله عليهم مودة ذوي القربي ، فمن أخذ بها وأحب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأحب أهل بيته ، لم يستطع رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يبغضه ، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته فعلى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يبغضه ؛ لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله عز وجل ، فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه ؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية على نبيه صلىاللهعليهوآله : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٤) .
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله في أصحابه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض لي عليكم فرضاً ، فهل أنتم مؤدوه؟ فلم
__________________
(١) سورة هود ١١ ٢٩-.
(٢) سورة هود ١١ : ۵١.
(٣ و ٤) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.