بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (١) وإنما أراد إبراهيم الله بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم، ويثبت عندهم أن العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهرة والقمر والشمس، وإنما تحق العبادة لخالقها وخالق السماوات والأرض. وكان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله تعالى وأتاه كما قال الله عز وجل : ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ) (٢) .
فقال المأمون : الله درك يابن رسول الله ، فأخبرني عن قول إبراهيم : ( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) (٣) .
قال الرضا عليهالسلام : إن الله تبارك وتعالى كان أوحى إلى إبراهيم عليهالسلام : إني متخذ من عبادي خليلاً، إن سألني إحياء الموتى أجبته ، فوقع في نفس إبراهيم عليهالسلام أنه ذلك الخليل ، فقال : ( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) على الحلة ، ( قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (٤) .
فأخذ إبراهيم عليهالسلام نسراً وطاووساً وبطاً وديكاً ، فقطعهن وخلطهن ، ثم جعل على كل جبل من الجبال التي حوله - وكانت عشرة - منهن جزءاً ، وجعل مناقيرهن بين أصابعه ، ثم دعاهن بأسمائهن ووضع عنده حباً وماء ، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان ، وجاء كل
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ - ٧٨ - ٧٩ .
(٢) سورة الأنعام ٦: ٨٣ .
(٣ و ٤) سورة البقرة ٢ : ٢٦٠.