كان هذا كما تزعم ، فلم اختلفتم في الإنجيل ؟ وإنما وقع الاختلاف في هذا الإنجيل الذي في أياديكم اليوم ، فلو كان على العهد الأول لم تختلفوا فيه ، ولكني مفيدك علم ذلك : اعلم أنه لما افتقد الإنجيل الأول اجتمعت النصارى إلى علمائهم ، فقالوا لهم : قتل عيسى بن مريم عليهالسلام وافتقدنا الإنجيل، وأنتم العلماء فما عندكم ؟ فقال لهم ألوقا ومرقابوس (١) : إن الإنجيل في صدورنا، ونحن نخرجه إليكم سفراً سفراً في كل أحد، فلا تحزنوا عليه ، ولا تخلوا الكنائس ، فإنا سنتلوه عليكم في كل أحد سفراً سفراً ، حتى نجمعه كله .
فقعد ألوقا ومرقابوس (٢) ويوحنا ومتى ، فوضعوا لكم هذا الإنجيل بعدما افتقدتم الإنجيل الأول، وإنما كان هؤلاء الأربعة تلاميذ تلاميذ الأولين ، أعلمت ذلك ؟ فقال الجاثليق : أما هذا فلم أعلمه، وقد علمته الآن، وقد بان لي من فضل علمك بالإنجيل، وسمعت أشياء مما علمته ، شهد قلبي أنه حق ، فاستزدت كثيراً من الفهم .
فقال له الرضا عليهالسلام : فكيف شهادة هؤلاء عندك ؟ قال : جائزة ، هؤلاء علماء الإنجيل ، وكل ما شهدوا به فهو حق ، قال الرضا عليهالسلام للمأمون ومن حضره من أهل بيته ومن غيرهم : الإشهدوا عليه، قالوا : قد شهدنا .
ثم قال عليهالسلام للجاثليق : بحق الابن وأمه ، هل تعلم أن متى قال : إن المسيح هو ابن داود بن إبراهيم بن إسحاق بن يعقوب بن يهوذا بن خضرون ؟ وقال مرقابوس في نسبة عيسى بن مريم عليهالسلام : إنه كلمة الله أحلها في جسد الأدمي ، فصارت إنساناً، وقال ألوقا : إن عيسى بن
__________________
(١ و ٢) في نسخة (ع) : مرفانوس .