هُوَ)(١).
ثالثاً : أنّ هذه المحاولات والتمحّلات ناشئة عن تصوير القدرتين في عرض واحد ، فلأجل ذلك يتصور تارة كون قدرته سبحانه مانعاً عن تأثير قدرة العبد ، وأُخرى بأنّه لو تعلّقت قدرة العبد على ما تعلّقت به قدرته ، يلزم توارد القدرتين على مقدور واحد.
ولكن الحقّ كون فعل العبد مقدوراً ومتعلّقاً بهما ، ولا يلبزم من ذلك أيّ واحد من المحذورين ، لا محذور التزاحم والتمانع ، ولا محذور اجتماع القدرتين التامّتين على مقدور واحد ، وذلك لأنّ قدرة العبد في طول قدرة الله سبحانه ، فالله سبحانه بقدرته الواسعة أوجد العبد وأودع في كيانه القدرة ، وأعطاه الإرادة والحرية والاختيار ، فلو اختار أحد الجانبين فقد أوجده بقدرة مكتسبة من الله سبحانه ، واختيار نابع عن ذاته ، وحرية هي نفس واقعيته وشخصيته ، فالفعل منتسب إلى الله لكون العبد مع قدرته وإرادته ، وما يحف به من الخصوصيات قائمة بذاته سبحانه ، متدلّية بها ، كما أنّه منتسب إلى الإنسان لكونه باختياره الذاتي وحريته النابعة منها ، اختار أحد الجانبين وصرف قدرته المكتسبة في تحقّقه ، كما قال سبحانه : (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللّهَ رَمى ) (٢) ،( وَما تَشاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ الله). (٣)
فنفى عنه الرمي بعد إثباته له ، وأثبت له المشيئة في ظل المشيئة الإلهية.
وما جاء في هذه الآيات من المعارف الإلهية لا يصل إليها إلاّ المتأمّل في آي الذكر الحكيم ، وما نشر عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام حولها ، وعليه « فالفعل فعل الله وهو فعلنا ». (٤)
ــــــــــــــــــ
١ ـ المدثر : ٣١.
٢ ـ الأنفال : ١٧.
٣ ـ الإنسان : ٣٠.
٤ ـ شرح المنظومة للسبزواري : ص ١٧٥ اقتباس من قوله فيها :
لكن كما الوجود
منسوب لنا |
|
والفعل فعل الله
وهو فعلنا |