الّتى تتفاوت بها المعرفة بحسب تفاوت النّاس فى العلم. وكذلك قوله : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ (١) الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ).
وذكر فى مواضع آية [و (٢)] فى مواضع آيات. وذلك لمعنى مخصوص يقتضيه ذلك المقام. وإنما قال : (وَجَعَلْنَا (٣) ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) ولم يقل : آيتين ؛ لأنّ كلّ واحد صار آية الآخر. وقوله : (وَما نُرْسِلُ (٤) بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) فالآيات هاهنا قيل : إشارة إلى الجراد والقمّل ، والضّفادع ، ونحوه من الآيات الّتى أرسلت إلى الأمم المتقدّمة ، فنبّه أنّ ذلك إنّما يفعل بمن (٥) يفعله تخويفا. وذلك أخسّ المنازل للمأمورين ؛ فإنّ الإنسان يتحرّى فعل الخير لأحد ثلاثة أشياء : إمّا أن يتحرّاه [رغبة أو رهبة ؛ وهو أدنى منزلة ، وإما أن يتحرّاه (٦)] لطلب محمدة ، وإمّا أن يتحرّاه لفضيلة (٧). وهو أن يكون ذلك الشىء فى نفسه فاضلا. وذلك أشرف المنازل. فلمّا كانت هذه الأمّة خير أمّة ـ كما قال ـ رفعهم عن هذه المنزلة ، ونبّه أنّه لا يعمّهم العذاب (٨) ؛ وإن كانت الجهلة منهم كانوا يقولون ؛ أمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم. وقيل : الآيات إشارة إلى الأدلّة ؛ ونبّه أنّه يقتصر معهم على الأدلّة ، ويصانون عن العذاب الّذى يستعجلون به فى قوله تعالى : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ (٩) بِالْعَذابِ).
__________________
(١) الآية ٤٩ سورة العنكبوت
(٢) زيادة من الراغب
(٣) الآية ٥٠ سورة المؤمنين
(٤) الآية ٥٩ سورة الاسراء
(٥) ا ، ب : «من» وما أثبت عن الراغب
(٦) ما بين القوسين زيادة من الراغب
(٧) فى الراغب : «للفضيلة»
(٨) فى الراغب : «بالعذاب»
(٩) الآية ٤٧ سورة الحج وغيرها