إلّا هجرا ، ولا يأتون الصّلاة إلّا دبرا (١) متكبرين متجبّرين (٢) لا يألفون ولا يؤلفون. جيفة باللّيل بطّال (٣) بالنّهار). وفى الصحيحين : (الأرواح جنود مجنّدة. فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف). ويقال : النّفس عزوف (٤) ألوف.
واشتقّت الألف من الألفة ؛ لأنها أصل الحروف ، وجملة الكلمات ، واللغات متألّفة منها. وفى الخبر : لمّا خلق الله القلم أمره بالسّجود ، فسجد على اللّوح ، فظهرت من سجدته نقطة ، فصارت النقطة همزة ، فنظرت إلى نفسها ، فتصاغرت ، وتحاقرت. فلمّا رأى الله عزوجل تواضعها ، مدّها وطوّلها ، وصيّرها مستويا مقدّما على الحروف ، وجعلها (٥) مفتتح اسمه : الله ، وبها انتظمت جميع اللغات ، ثمّ جعل القلم يجرى ، وينطق بحرف حرف إلى تمام تسعة وعشرين ، فتألّفت منها الكلمات إلى يوم القيامة.
والألف من العدد سمّى به ، لكون الأعداد فيه مؤتلفة ؛ فإنّ الأعداد أربعة : آحاد ، وعشرات ، ومئات ، وألوف. فإذا بلغت الألف فقد ائتلفت ، وما بعده يكون مكرّرا.
* * *
والألف فى القرآن ولغة العرب يرد على نحو من أربعين وجها :
__________________
(١) أى الا اذا أدبر وقتها وانقضى
(٢) «متجبرين» سقط فى ا.
(٣) جمع باطل من بطل : تعطل عن العمل وفى اللسان (جيف) من حديث ابن مسعود : «لا أعرفن أحدكم جيفة ليل قطرب نهار» أى يسعى طول نهاره لدنياه وينام طول ليله». وذلك أن القطرب ـ كما فى القاموس ـ : دويبة لا تستريح نهارها سعيا وهذا المعنى ضد ما أثبت هنا
(٤) وصف من العزوف. وهو الانصراف عن الشىء والملل منه
(٥) ا ، ب : «جعل».