بل الحقّ أنّ أولويّة الاحتياط إنّما هي لما ثبت وجوبه ، كالصلاة المنسيّ بعينها ، أو كان الأصل وجوبه ، كصوم ثلاثين ، أمّا ما عساه أن يكون واجبا وغيره ، فلا ، وما نحن فيه كذلك ، حيث لم يتحقّق فيه وجوب ولا الأصل وجوبه.
وعلى السادس عشر : بالمنع من كون الإتيان بمثل فعل العظيم تعظيما له ، وفي كون تركه إهانة ، بل قد يكون تعاطي الإتيان بمثل فعل الغير حطّا من قدره واستنقاصا به ، فإنّه يقبح من العبد الجلوس على سرير سيّده ، والركوب على مركبه ، ولو فعله استحق الذمّ.
ثمّ لو كانت متابعته في أفعاله موجبة لتعظيمه ، وتركها موجبا لإهانته ، لوجب متابعته عند ما إذا ترك بعض ما تعبّدنا به من العبادات ، ولم يعلم سبب تركه ، وهو خلاف الإجماع (١).
وفيه نظر ، إذ الأمر ورد باتّباعه صلىاللهعليهوآلهوسلم وترك المخالفة له ، والمشاقّة بأن يكون في شقّ ونحن في آخر ، وهذا يقتضي كون الإتيان بجميع ما فعله تعظيما له ، ومبالغة في الامتثال بالتبعيّة ، والانقياد إلى الطاعة ، بخلاف جلوس العبد على سرير مولاه ، لأنّه الّذي يمتاز به المولى عنه ، وليس البحث في الفعل الّذي تعبّدنا فيه بشيء ، بل فيما جهلنا حاله ، بخلاف تركه صلىاللهعليهوآلهوسلم لما تعبّدنا بالإتيان به.
وعلى السابع عشر : بأنّه لا يلزم من كون الفعل بيانا للقول أن يكون موجبا
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ١ / ١٢٩.