المبحث الثالث : في جواز النسخ في القرآن
اتّفق المسلمون على ذلك وخالف فيه أبو مسلم بن بحر الأصفهاني. (١)
لنا وجوه :
الأوّل : أنّ الاعتداد بالحول (٢) منسوخة بأنّ الاعتداد بأربعة أشهر وعشرة أيّام. (٣)
أجاب [أبو مسلم] : بأنّ الاعتداد بالحول لم يزل بالكليّة ، لأنّها لو كانت حاملا وامتدّ حملها حولا ، اعتدّت به ، وإذا بقي الحكم في بعض الصور ، كان تخصيصا ، لا نسخا. (٤)
وهو خطأ ، فإنّ عدّة الحامل تنقضي بأبعد الأجلين من وضعه ومضيّ
__________________
(١) تقدّمت ترجمته ص ٦٠٢.
(٢) في قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) البقرة : ٢٤٠.
(٣) في قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) البقرة : ٢٣٤.
وربما يورد بأن اللازم هو تقدّم المنسوخ على الناسخ ، ليصحّ وقوع النسخ.
وأمّا المقام فالناسخ متقدّم على المنسوخ ، كما هو معلوم بملاحظة رقم الآيات.
يلاحظ عليه : بأنّ اللازم هو تقدّم المنسوخ في النزول على الناسخ لا في ترتيب الآيات.
(٤) نقله عنه الرّازي في محصوله : ١ / ٥٣٩.