المبحث الثالث :
فيما يجوز تخصيصه
قد عرفت فيما سلف أنّ التخصيص هو : إخراج بعض ما تناوله الخطاب ، فلا بدّ وأن يكون ذلك الخطاب فيه عموم ، وشموله إمّا مطلق أو بالاضافة ، فإنّ ما لا عموم فيه البتّة بوجه ما ، لا يصحّ فيه التخصيص ، إذ لا يعقل له بعض يخرج عنه ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي بردة : «يجزئ عنك ، ولا يجزئ أحدا بعدك» لا يعقل التخصيص في الحكم الأوّل ، لعدم تعدّده بالنّسبة إلى الشّخص المفعول ، لا بالنّسبة إلى متعلّقات الفعل من الطرف وغيره ، ويعقل في الثاني.
وإذا عرفت هذا ، فالّذي يتناول أكثر من واحد ، إمّا أن يكون عمومه من جهة اللّفظ ، ويصحّ تطرّق التخصيص إليه ، أو من جهة المعنى ، وهو ثلاثة :
الأوّل : العلّة الشرعية ، وفي تخصيصها خلاف يأتي.
الثاني : مفهوم الموافقة ، كدلالة تحريم التأفيف ، على تحريم الضّرب ، ويقبل التخصيص إذا لم يعد بالنقض على الملفوظ ، كتقييد الأمّ إذا فجرت ، وقتل الوالد إذا ارتدّ ، أمّا لو عاد بالنقض إليه ، فإنّه لا يجوز.
الثالث : مفهوم المخالفة ، ويقبل التخصيص مطلقا ، فإنّه يفيد انتفاء الحكم