المبحث الخامس : في أنّ قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ)(١) ليس بمجمل
ذهب المحققون إلى نفي الإجمال هنا.
وقال بعض الحنفية : إنّه مجمل ، لأنّه يحتمل مسح جميع الرّأس ، ومسح بعضه ، وليس أحدهما أولى من الآخر ، فكان مجملا.
وما روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مسح بناصيته ، بيان لمجمل الآية.
والحقّ نفيه ، لأنّ ظاهر «الباء» في اللّغة للإلصاق.
قال قاضي القضاة قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) يفيد من حيث اللّغة ، مسح جميع الرأس ، لأنّ «الباء» المفيدة للإلصاق دخلت على المسح ، وقرنته بالرأس ، وهو اسم للجملة لا لبعض العضو ، فإنّه لا توصف الناصية بأنّها رأس.
ثمّ قال : لكنّ العرف يقتضي إلصاق المسح بالرأس فقط ، سواء عمّ المسح الجميع أو البعض ، فإنّ من قال : «مسحت يدي بالمنديل» عقل منه أنّه ألصق المسح بالمنديل وجوّز السّامع أنّه مسحه بجميعه وبعضه ، ولو أمره بالمسح بالمنديل خرج عن العهدة بالجميع وبالبعض أيضا.
__________________
(١) المائدة : ٦.