الفصل الثاني
في البيان والمبيّن
وفيه مباحث :
[المبحث] الأوّل : في ماهيّته
اعلم أنّ البيان في أصل اللّغة مشتقّ من البيّن ، يقال بيّن وتبيينا وبيانا ، كقولهم : كلّم تكليما وكلاما ، وأذّن تأذينا وأذانا ، فالبيّن يفرق بين الشيء وما شاكله ، فلهذا قيل : البيان هو الدلالة.
إذا عرفت هذا فنقول : البيان لمّا كان متعلّقا بالتعريف والإعلام بما ليس بمعلوم وكان ذلك ممّا يتوقّف على الدليل ، والدليل مرشد إلى المطلوب الّذي هو علم أو ظنّ حاصل عن الدليل ، لا جرم أمكن تفسير البيان بهذه المتعلّقات ، الّتي هي التعريف والدليل والمطلوب الحاصل منه.
وقد اختلف الناس في ذلك ، فقال أبو بكر الصيرفي (١) وجماعة : إنّ البيان هو التعريف وفسّره بأنّه إخراج الشيء عن حيّز الإشكال إلى حيّز الوضوح والتجلّي. (٢)
__________________
(١) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ١٤٠.
(٢) نقله الآمدي في الإحكام : ٣ / ١٧.