المبحث الثالث : في الفرق بين المطلق والعامّ
اعلم أنّ كلّ شيء متحقّق (١) في الأعيان أو متصوّر في الأذهان ، فإنّ له ماهيّة وحقيقة يتميز بها عما عداه ، ويكون هو بها ما هو ، لا يشاركه فيها غيره.
ثمّ تلك الحقيقة ، يعرض لها عوارض ، وتتّصف بأمور ، وتلك العوارض والأمور غير داخلة في الحقيقة ، بل خارجة عنها ، والمفهوم من تلك الحقيقة ، يكون مغايرا للمفهوم من تلك الأمور ، سواء كانت تلك الأمور من اللوازم ، أو من العوارض المفارقة ، وسواء كانت إيجابا أو سلبا.
فإذا تقرّر هذا فنقول : المطلق هو اللّفظ الدالّ على تلك الحقيقة من حيث هي هي ، لا باعتبار كونها واحدة أو كثيرة ، أو عامّة أو خاصّة ، بل ولا من حيث هي مجرّدة عن تلك الاعتبارات ، فإنّ اعتبار تجرّدها مغاير لاعتبارها من حيث هي هي.
فالإنسان ، من حيث هو إنسان ، لا واحد ، ولا كثير ، ولا عامّ ، ولا خاصّ ، بل صالح لعروض أيّ هذه الأمور فرض.
فالحيوان إذا أخذ من حيث هو ، كان مطلقا وإذا أخذ باعتبار عروض العموم ، كان عامّا ان لم تكن الكثرة معيّنة ، وكانت شاملة ، وإن كانت معيّنة ، فهو اسم العدد ، وإن لم تكن معيّنة ولا شاملة ، فهو الجمع المنكّر ، فإذن العامّ أخصّ من المطلق.
__________________
(١) في «أ» : محقّق.