المبحث التاسع : في باقي أمور ظنّ أنّها مجملة
وهي ستة :
الأوّل : إذا ورد لفظ من الشارع يمكن حمله على ما يفيد معنيي ، وحمله على ما يفيد معنى واحدا ، قال الغزّالي وجماعة إنّه مجمل ، لوروده بين هذين الاحتمالين من غير ترجيح. (١)
وقال الأكثر : إنّه ليس مجملا بل هو ظاهر فيما يفيد معنيين ، لأنّ الكلام إنّما وضع للإفادة ، خصوصا كلام الشّارع وظاهر أنّ ما يفيد معنيي أكثر في الفائدة ، فيجب اعتقاد ظهور اللّفظ فيه ، كما لو دار بين ما يفيد وما لا يفيد ، فإنّه يتعيّن حمله على المفيد ، لأنّ المعنى الثاني ممّا يقصر اللّفظ عن إفادته إذا حمل على الوجه الآخر ، فحمله على الوجه المفيد بالإضافة إليه أولى.
لا يقال : هذا الترجيح معارض بترجيح آخر ، وهو أنّ الغالب من الألفاظ الواردة إنّما هي الألفاظ المفيدة لمعنى واحد ، بخلاف المفيدة لمعنيين ، وعند ذلك فاعتقاد إدراج ما نحن فيه تحت الأعمّ الأغلب أولى.
لأنّا نقول : يجب اعتقاد الترجيح فيما ذكرناه ، لأنّ القول بالتّساوي يستلزم تعطيل دلالة اللفظ وامتناع العمل به مطلقا ، إلى أن يقوم دليل خارجيّ ، وهو على خلاف الأصل ، فلا بدّ من الترجيح ، فإمّا أن يكون الرّاجح ما يفيد معنى واحدا ، وهو باطل لعدم القائل به ، أو الآخر وهو المراد.
__________________
(١) المستصفى : ٢ / ٣٣.