المبحث الرّابع :
في وجوب التأسي
اختلف الناس في ذلك فذهب جماهير الفقهاء والمعتزلة إليه ، على معنى أنّه إذا علمنا أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل فعلا على وجه الوجوب ، فقد تعبّدنا أن نفعله على وجه الوجوب ، وإن علمنا أنّه تنفّل به ، كنا متعبّدين بالتنفّل به ، وإن علمنا أنّه فعل على وجه الإباحة ، كنا متعبّدين باعتقاد إباحته ، وجاز لنا فعله.
وقال أبو علي بن خلّاد (١) تلميذ أبي هاشم من المعتزلة : إنّا متعبّدون بالتأسّي به في العبادات ، دون غيرها من المناكحات والمعاملات.
وأنكر بعض النّاس ذلك كلّه.
احتجّ الأوّلون بوجوه :
الأوّل : قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً)(٢) ولو لا أنّه متّبع في أفعاله مقتدى به ، لم يكن للآية معنى.
__________________
(١) تقدّمت ترجمته ص ٥٢٩.
(٢) الأحزاب : ٣٧.