المبحث الثالث عشر : في الحكم الخاص المقترن بالعلة
إذا حكم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بحكم في واقعة خاصّة ، وذكر العلّة ، فقال الشافعي : إنّه يعمّ من وجدت تلك العلّة في حقّه ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقّ أعرابيّ محرم وقصت (١) به ناقته : «لا تخمروا رأسه ، ولا تقربوه طيبا ، فإنّه يحشر يوم القيامة ملبّيا» (٢). وكقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قتلى «أحد» : «زمّلوهم بكلومهم (٣) ودمائهم ، فإنّهم يحشرون يوم القيامة ، وأوداجهم تشخب دما» (٤). وكما لو قال : حرّمت الخمر لكونه مسكرا.
ومنعه القاضي أبو بكر (٥).
والحقّ أن يقال : إنّ عموم الحكم ليس بالنظر إلى الصيغة الواردة ، فإنّه لو كان كذلك لكان إذا قال لوكيله : «أعتق سالما لكونه أسود» لاقتضى عتق كلّ عبد أسود ، كما لو قال : «أعتق عبيدي السّودان» نعم أنّه مستفاد من العلّة إن قيل به ، على ما يأتي البحث فيه.
فإن قلنا به ، لم يندرج قوله لوكيله : «أعتق سالما لكونه أسود» لأنّ الوكيل
__________________
(١) وقصت الناقة : رمت براكبها فدقت عنقه. المصباح المنير.
(٢) صحيح البخاري ، كتاب الجنائز باب الكفن في الثوبين برقم ١٢٦٥ ؛ ومستدرك الوسائل : ٢ / ١٧٧ ، الباب ١٣ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٥ و ٦.
(٣) الكلم : الجرح ، والجمع كلوم وكلام. لسان العرب.
(٤) مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٤٣١ ؛ ومستدرك الوسائل : ٢ / ١٨٠ ، الباب ١٤ من أبواب غسل الميت ، الحديث ٨ ولاحظ وسائل الشيعة : ٢ / ٧٠١ ، الباب ١٣ من أبواب غسل الميت ، الحديث ١١.
(٥) التقريب والإرشاد : ٣ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧.