المبحث الثامن : في تخصيص الكتاب بخبر الواحد
اختلف الناس في ذلك ، فجوّزه الفقهاء الأربعة ، وقال قوم : لا يجوز أصلا ، وهو اختيار السيّد المرتضى (١) إلّا أنّه قال : قد كان يجوز أن يتعبّدنا الله تعالى بذلك ، فيكون واجبا ، غير أنّه ما تعبّدنا به.
وقال عيسى بن أبان : (٢) إن كان خصّ قبل ذلك بدليل مقطوع ، جاز ، لأنّه يصير مجازا ، فصارت دلالته ظنيّة ، وخبر الواحد دلالته قطعيّة وإن كان متنه ظنيّا وإلّا فلا.
وقال أبو الحسين الكرخي (٣) : إن كان قد خصّ بدليل منفصل ، صار مجازا ، وجاز تخصيصه ، وإن خصّ بدليل متّصل ، أو لم يخصّ أصلا ، لم يجز.
وتوقّف القاضي أبو بكر (٤) :
والوجه الأوّل ، لنا وجوه :
الأوّل : العموم وخبر الواحد دليلان تعارضا ، وخبر الواحد أخصّ من العموم ، فيجب العمل به في صورته ، وبالعامّ في غير صورة التخصيص ، جمعا بين الدّليلين.
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨١.
(٢) تقدّمت ترجمته ص ٢١٦.
(٣) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.
(٤) التقريب والإرشاد : ٣ / ١٨٥ ـ ١٨٦.