والنسخ جائز على الله تعالى ، لأنّ حكمه تابع للمصالح ، وهي ممّا يتغيّر بتغيّر الأزمان ، والأشخاص ، والأحوال ، فيتغيّر الحكم حينئذ ، وهو معنى النسخ.
والبداء لا يجوز عليه ، لأنّ أمره ونهيه إذا اتّحد متعلّقهما من كلّ وجه ، دلّ على الجهل ، أو على فعل القبيح ، وهما محالان في حقّه تعالى.
المبحث الخامس : في الفرق بين التخصيص والنسخ
النسخ والتخصيص مشتركان في أنّ كلّ واحد منهما مخصّص للحكم ببعض ما تناوله اللّفظ لغة ، إلّا أنّ بينهما فرقا ، وقد ذكروا الفرق بينهما من وجوه عشرة. (١)
الأوّل : التخصيص يبيّن أنّ الخارج به عن العموم لم يرد المتكلّم بلفظه الدلالة عليه ، والنسخ يبيّن أنّ الخارج به لم يرد التّكليف به ، وإن كان قد أراد بلفظه الدلالة عليه.
وفيه نظر ، لما تقدّم ، من قبح الخطاب بدون ذكر ما يدلّ على نسخه إجمالا أو تفصيلا.
الثاني : التخصيص لا يرد على الأمر بمأمور واحد ، والنسخ قد يرد على الأمر بمأمور واحد.
__________________
(١) هذه الفروق ذكرها الآمدي في الإحكام : ٣ / ٧٧ ، وتنظّر المصنّف في بعضها.