لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ)(١) فإنّ كلّا منهما (٢) يدلّ على أولويّة حكمه في الآخر.
والحكم هنا في محلّ السكوت أولى منه في محلّ النّطق ، وإنّما يكون كذلك إن لو عرف المقصود من الحكم في محلّ النطق من سياق الكلام ، وعرف أنّه أشدّ مناسبة واقتضاء للحكم في محلّ السّكوت من اقتضائه في محلّ النطق ، كما في آية تحريم التأفيف (٣) حيث عرف أنّ القصد كفّ الأذى عن الأبوين ، وأنّ أذى الضّرب أشدّ ، فكان بالتحريم أولى.
ولو قطع النظر عن ذلك لم يجب التّعدية فانّ الملك قد يأمر بقتل والده إذا عرف أنّه ينازعه في الملك ، وينهى عن التأفيف ، حيث لم يندفع محذور المنازعة بالثاني بل بالأوّل ، فلا يجب حينئذ من إباحة أشدّ المحذورين إباحة أضعفهما ، ولا من تحريم الأضعف تحريم الأشدّ.
الثاني : مفهوم المخالفة ، وهو ما يكون الحكم في محلّ السكوت مخالفا له في محلّ النطق ، ويسمّى دليل الخطاب ، وأصنافه عشرة :
الأوّل : تقييد المطلق بالوصف ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : في الغنم السائمة زكاة. (٤)
الثاني : مفهوم الشرط ، مثل : إن دخل أكرمه.
__________________
(١) آل عمران : ٧٥.
(٢) في «أ» : منها.
(٣) قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) الإسراء : ٢٣.
(٤) تقدّم تخريج الحديث ص ٣٣٧.