وأمّا الحكم ، فبأن يتّفق الحكمان في علّة التقييد بالصّفة ، وهو تقييد بالقياس ، وليس هو المتنازع ، أو بأن يمتنع في التقييد أن يكون الحكم مقيّدا في كفّارة وغير مقيّد في أخرى ، وهذا غير ممتنع لأنّه كما يجوز أن تكون المصلحة فيهما التقييد ، جاز أن تكون المصلحة فيهما أن يختلفا في التقيد.
فلو جاز مع فقد الوصلة والربط أن يقيّد أحدهما بما يقيّد به الآخر ، جاز أن يثبت لأحدهما بدل ، لأنّ للآخر بدلا ، أو يخصّ أحد العمومين ، لأنّ الآخر مخصوص ، هذا دليل أبي الحسين (١).
وفيه نظر ، لأنّا نمنع الأولويّة لو انتفى الربط ، فإنّها ثابتة ، إذ التقييد بالإيمان يدلّ على أولويّته ورجحانه ، فيجب التقييد به ، طلبا للمصلحة الراجحة ، والحصر ممنوع.
احتجوا بوجوه :
الأوّل : القرآن كالكلمة الواحدة ، وإذا ثبت التقييد في أحد الحكمين ، ثبت في الآخر ، وإلّا لزم الاختلاف المنافي للوحدة.
الثاني : الشهادة لمّا قيّدت بالعدالة مرّة واحدة ، وأطلقت في سائر الصّور ، حمل المطلق على المقيّد ، فكذا هنا.
الثالث : قوله تعالى : (وَالذَّاكِراتِ)(٢) حمل على قوله [في أوّل الآية :] : (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً) من غير دليل خارج.
__________________
(١) المعتمد : ١ / ٢٩٠ ـ ٢٩١.
(٢) الأحزاب : ٣٥.