والجواب عن الأوّل : ان عنيت بوحدة القرآن عدم تناقضه ، فهو مسلّم ، لكن لا تناقض هنا.
وإن عنيت اتّحاده في كلّ الأشياء فهو باطل بالضرورة ، فإنّ فيه العامّ ، والخاصّ ، والمجمل ، والمبيّن ، والظاهر ، والمأوّل ، والأمر ، والنهي ، وغير ذلك ، فلم لا يكون فيه الإطلاق والتقييد؟
على أنّهم سلّموا ثبوته في غير الأحكام المتماثلة.
وعن الثاني : التقييد في الشهادة في كلّ حكم بالإجماع ، لا من كونها مقيّدة في أحد الحكمين.
وعن الثالث : أنّ التقييد لدليل اقتضاء العطف التسوية ، لعدم استقلال المعطوف بالدلالة ، فوجب ردّه إلى ما هو معطوف عليه ، ومشارك له في حكمه.
ولأنّ الفرق حصول الرّبط هنا بالعطف ، بخلاف صورة النزاع.
وأمّا الحنفيّة ، فإنّهم اختلفوا ، فقال بعضهم : سبب المنع من التقييد بالإيمان ، أنّ قوله : أعتق رقبة ، يقتضي تمكّن المكلّف من إعتاق أيّ رقبة شاء من رقاب الدّنيا ، فلو دلّ القياس على أنّه لا يجوز إلّا المؤمنة ، لكان القياس دليلا على زوال تلك المكنة الثابتة بالنّصّ ، فيكون القياس ناسخا ، وأنّه غير جائز.
ولأنّ تقييده بالإيمان زيادة على النصّ ، والزيادة على النصّ نسخ ، والنسخ لا يجوز بالقياس.
وقال آخرون : إنّ تقييده بالإيمان زيادة على حكم قد قصد استيفاؤه.