الثالث : قول أكثر المحقّقين كأبي الحسين (١) ، والسيد المرتضى ، (٢) وغيرهما : إنّه يجوز تقييد المطلق بالمقيّد على تقدير تسويغ القياس مع وجود شرائطه ، لا أنّه يجب التقييد بالقياس مطلقا.
والأوّل باطل ، فإنّه لو قال : «أوجبت في كفّارة القتل رقبة مؤمنة ، وأوجبت في الظّهار أيّ رقبة كانت» لم يكن أحد الكلامين مناقضا للآخر ، فليس تقييد أحدهما مقتضيا تقييد الآخر (٣).
وفيه نظر ، فانّ «أعتق أيّ رقبة شئت» سيق في التخيير ، بخلاف «أعتق رقبة» فلا يجوز حمل الثاني على الأوّل نعم أعتق رقبة ، كما يجامع التقييد ، فكذا التخيير بين أيّ فرد ، ولا دلالة للعامّ على الخاصّ.
ولأنّ ظاهر المطلق يقتضي إجراء الحكم على إطلاقه ، فلو خصّ بالمقيّد ، لوجب أن يكون بينهما ربط يوجب تقييد أحدهما بما قيّد به الآخر ، وإلّا لم يكن تقييده به أولى من عدم تقييده.
والربط إمّا من حيث اللّفظ أو الحكم.
أمّا اللفظ ، فبأن يكون بين الكلامين تعلّق بحرف عطف أو إضمار ، وهو منتف هنا.
__________________
(١) المعتمد : ١ / ٢٩١.
(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٢٧٧.
(٣) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٥٩.