احتجّ القائلون بالوقف ، بأنّه قد ظهر ضعف كلام الفريقين ، وكلّ واحد من القياس والعموم دليل لو انفرد ، وقد تقابلا ، ولا ترجيح ، لأنّه امّا بالعقل ، أو النقل ، والعقل إمّا ضروريّ أو نظريّ ، والنقل إمّا متواتر أو آحاد ، والكلّ منتف ، فلا ترجيح ، فيتعيّن الوقف.
اعترض (١) : بأنّ هذا مخالف للإجماع ، لوقوعه قبل القاضي على ترجيح أحدهما. وإن اختلفوا في تعيينه ، ولم يذهب أحد إلى الوقف قبل القاضي.
ولأنّ القول بالوقف يؤدّي إلى تعطيل الدّليلين ، والمحذور فيه فوق المحذور من العمل بأحدهما ، فالعمل بالقياس أولى ، إذ العمل بالعامّ إبطال للقياس مطلقا.
أجاب القاضي : بأنّهم لم يصرّحوا ببطلان التوقّف قطعا ، ولم يجمعوا عليه ، وكلّ واحد رأى ترجيحا ، ولا يثبت الإجماع بمثل ذلك ، وكيف ومن لا يقطع ببطلان مذهب مخالفه في ترجيح القياس ، كيف يقطع بخطئه إن توقّف ، فإنّ كلّ واحد من المجتهدين لا يقطع بإبطال مذهب مخالفه مع مصيره إلى نفي ما أثبته أو إثبات ما نفاه ، فكيف يقطع ببطلانه في توقّفه ، والعمل بالقياس مبطل للعمل بالعامّ في صورة المعارضة. (٢)
احتجّ الفارقون بين جليّ القياس وخفيّه : بأنّ الجليّ قويّ ، وهو أقوى من العموم ، والخفيّ ضعيف.
__________________
(١) لاحظ الإحكام للآمدي : ٢ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، والمستصفى : ٢ / ١٦٥.
(٢) لاحظ التقريب والإرشاد : ٣ / ١٩٦ ـ ١٩٧.