ثمّ منع ذلك ، لأنّ المعوّل في ذلك إلى الإجماع لا القياس. (١)
احتجّ القائلون بتقديم القياس بوجوه :
الأوّل : أنّ العموم يحتمل المجاز ، والخصوص ، والاستعمال في غير ما وضع له ، والقياس لا يحتمل شيئا من ذلك ، فيكون العمل بالقياس أولى.
الثاني : العامّ يخصّص بالنصّ الخاصّ مع إمكان كونه مجازا أو مؤولا ، فالقياس أولى.
الثالث : تخصيص العموم بالقياس جمع بين الدليلين ، فهو أولى من تعطيل أحدهما. أو تعطيلهما معا.
والاعتراض على الأوّل : أنّ احتمال الغلط في القياس ليس أولى من احتمال الخصوص والمجاز ، فإنّ القياس يجوز أن يكون أصله خبر الواحد ، فيتطرّق الاحتمال إلى أصله ، وغير ذلك من المفاسد الّتي سلفت.
وهو الاعتراض على الثاني.
وعلى الثالث : بأنّ القدر الّذي وقع فيه التقابل ليس فيه جمع ، بل هو رفع للعموم وعمل بالقياس خاصّة. (٢)
وفيه نظر ، لأنّا لا نعني بالجمع بين الدليلين سوى العمل بالعامّ في غير صورة الخاصّ ، والعمل بالخاصّ في موضعه.
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٢٨٥.
(٢) الاعتراض للغزّالي في المستصفى : ٢ / ١٦٥.