ويبطل بأنّ خفيّ القياس قد يكون أظهر من تناول العموم لمحلّ التخصيص ، فإنّ العموم قد يضعف ، بأن لا يظهر قصد التعميم منه ، وذلك بأن يكثر المخرج منه ، ويتطرّق إليه تخصيصات كثيرة ، كقوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) فإنّ دلالة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أينقص إذا جفّ؟» (٢) على تحريم بيع العنب بالزبيب أظهر من دلالة هذا العامّ على تحليله ، لكثرة ما أخرج منه ، فضعف قصد العموم.
ولا شكّ في أنّ العمومات تختلف في القوّة والضعف بالنّسبة إلى بعض الآحاد ، لاختلافها في ظهور إرادة قصد ذلك البعض.
وكما أنّه اذا تقابل العمومان قدّم أقواهما ، وكذا القياسان ، وكذا العموم والقياس مطلقا عند القائلين به ، ومع التنصيص على العلّة على ما اخترناه نحن إذا تقابلا.
وكما يمكن أن يكون عموم قويّ أغلب على الظنّ من قياس ضعيف ، كذا يمكن أن يكون قياس قويّ أغلب من عموم ضعيف ، وإن تعادلا وجب الوقف.
فإن قيل : هذا (٣) الخلاف [هل] يختصّ بقياس مستنبط من الكتاب إذا خصّص به عموم الكتاب ، أو يجري في قياس مستنبط من الاخبار؟
قلنا : قد بيّنا أنّ نسبة قياس الكتاب إلى عمومه ، كنسبة قياس [الخبر]
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) مستدرك الوسائل : ١٣ / ٣٤٢ ، الباب ١٣ من أبواب الربا ، الحديث ٢ ؛ وفتح الباري : ٨ / ٣٩.
(٣) في «ج» : هل.