قال : «أنت طالق ثلاثا وثلاثا ، إلّا أربعة» فإنّه لا يعود إلى الجميع ، وإلّا لوقع طلقتان لا ثلاث [طلقات].
التاسع : دخول الجملة الأولى تحت لفظه معلوم ، ودخولها تحت الاستثناء مشكوك فيه ، والشكّ لا يرفع اليقين.
والاعتراض على الأوّل : المنع من مخالفة الاستثناء الأصل ، لأنّا قد بيّنا أنّ المستثنى والمستثنى منه كاللّفظ الواحد الدّالّ على الباقي ، مع انتقاضه بالاستثناء بمشيئة الله تعالى وبالشرط ، فإنّهما عائدان إلى الجميع مع عدم الاستقلال.
لا يقال : الشرط وإن تأخّر ، لكنّه متقدّم ، فصار جميع ما بعده مشروطا به ، فالاستثناء بالمشيئة يقتضي صيرورة الكلام بأسره موقوفا ، فلا يختصّ بالبعض.
لأنّا نقول : نمنع تقدّم الشّرط على جميع الجمل ، بل على الأخيرة.
سلّمنا ، لكن لا نسلّم أنّ التقدّم يقتضي العود إلى الجميع ، بل إلى ما يليه.
وأمّا الاستثناء بالمشيئة ، فلم لا يختصّ بالأخيرة؟ وإنّما يتمّ كلام الحنفيّة لو منعوا هذين الإلزامين.
وعلى الثاني : بالمنع من عدم اجتماع العاملين على معمول واحد.
ونصّ سيبويه ، معارض بنصّ الكسائي (١) على الجواز وليست العلل الإعرابيّة مؤثّرة ، بل معرّفة.
وعلى الثالث : أنّه لمّا امتنع عوده إلى الجميع ، وجب عوده إلى البعض ،
__________________
(١) عليّ بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء ، إمام في اللغة والنحو والقراءة ، من أهل الكوفة ، له تصانيف كثيرة ، مات بالرّيّ سنة ١٨٩ ه. لاحظ الأعلام للزركلي : ٤ / ٢٨٣.