الرابع : الظاهر أنّه لم ينتقل المتكلّم من الجملة الأولى إلى الثانية إلّا بعد استيفاء غرضه منها ، فإنّه لمّا كان السكوت يدلّ على استكمال الغرض من الكلام (الأوّل) (١) ، فكذا الشروع في كلام آخر لا تعلّق له بالأوّل ، يدلّ على استكمال الغرض من الأوّل ، فلو جعلنا الاستثناء عائدا إلى الجميع ، لزم إبطال ما أصلناه ، من أنّ الانتقال يدلّ على تماميّة الغرض.
الخامس : المقتضي لرجوع الاستثناء إلى ما تقدّمه ، عدم استقلاله بنفسه ، فإنّه لو كان مستقلّا بنفسه عن غيره لم يجز تعليقه بذلك الغير ، وإذا علّق بما يليه استقلّ وأفاد ، فلا معنى لتعليقه بما بعد عنه ، إذ لو جاز مع إفادته واستقلاله أن تعلّق بغيره لوجب فيه لو كان مستقلّا بنفسه أن تعلّق بغيره.
السادس : من حق العموم المطلق أن يحمل على عمومه وظاهره ، إلّا لضرورة تقتضي خلافه ، ولمّا خصّصنا الجملة الّتي يليها الاستثناء بالضّرورة ، لم يجز تخصيص غيرها ، ولا ضرورة.
السابع : قال الله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا)(٢) فإنّه لا يرجع إلى الجلد إجماعا.
وقال تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا)(٣) وهو راجع إلى الدّية دون الإعتاق بالإجماع.
الثامن : أنّه استثناء تعقّب جملتين ، فلا يكون بظاهره عائدا إليهما كما لو
__________________
(١) ما بين القوسين يوجد في «ب».
(٢) النور : ٥.
(٣) النساء : ٩٢.