وإنّما خصّصناه بالأخيرة ، لأنّها أقرب ، والاتّفاق واقع على عوده إلى الأقرب ، وكما اعتبر القرب في الأقرب من العاملين عند البصريّين. (١)
وفي قولنا : ضرب زيد عمرا ، وضربته ، فجعلوا «الهاء» عائدة إلى عمرو ، دون زيد ، للقرب ، وكذا جعلوا الأقرب فاعلا في قولنا : «ضرب موسى عيسى» لمّا انتفى الأعراب ، والقرينة اعتبار القرب ، وكذا في قولنا : «أعطى زيد عمرا بكرا» أنّ بكرا هو المفعول [الثاني] فكذا وجب اعتبار القرب في الاستثناء.
ولأنّه لا قائل بعوده إلى غير الأخيرة خاصّة ، فإنّ من النّاس من جعله عائدا إلى الجميع ، ومنهم من اعاده إلى الأخيرة خاصّة.
الثاني : لو رجع الاستثناء إلى الجميع ، فإن أضمر مع كلّ جملة استثناء ، لزم مخالفة الأصل في الإضمار ، مع عدم الحاجة إليه ، وفي الاستثناء يتضاعف مخالفة الأصل.
وإن لم يضمر ، كان العامل في ما بعد الاستثناء اكثر من واحد ، لكن لا يجوز تعدّد العامل في إعراب واحد ، لنصّ سيبويه (٢) عليه ، وقوله حجّة.
ولئلّا يجتمع المؤثّران المستقلّان على الأثر الواحد.
الثالث : الاستثناء من الاستثناء مختصّ بما يليه ، فكذا في غيره ، دفعا للاشتراك.
__________________
(١) إشارة إلى قول البصريّين في باب التنازع يقول ابن مالك :
ان عاملان اقتضيا في اسم عمل |
|
قبل فللواحد منهما العمل |
والثاني عند أهل البصرة |
|
واختار عكسا غيرهم ذا اسرة |
(٢) تقدمت ترجمته في الجزء الأوّل : ١٦٩.