وأمّا إن تعلّقت إحداهما بالأخرى ، فإمّا أن يكون حكم الأولى مضمرا في الثانية ، مثل : «أكرم ربيعة ، ومضر إلّا الطّوال».
أو اسم الأولى مضمرا في الثانية ، مثل : «أطعم ربيعة ، واخلع عليهم إلّا الطّوال» فالاستثناء في هذين ، يرجع إلى الجملتين ، لأنّ الثانية لم تستقلّ ، وإنّما تتمّ مع الأولى ، فوجب رجوع حكم الاستثناء إليهما.
وإن كانت الجملتان نوعين من الكلام ، فإن اختلفت القضيّة (١) مثل : «أكرم ربيعة ، والعلماء هم المتكلّمون ، إلّا أهل البلد الفلاني» فالاستثناء يرجع إلى ما يليه ، لاستقلال كلّ منهما بنفسها.
وإن اتّحدت ، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ)(٢) فالقضيّة (٣) واحدة ، والجملة الأولى أمر ، والثانية نهي ، والثالثة خبر ، فالاستثناء وإن كان مقتضاه أن يرجع إلى الأخيرة ، لاستقلال كلّ منهما بنفسها ، إلّا أنّ في الآية ما يدلّ على رجوعه إلى الجميع ، وهو نوعان الاتّحاد في الغاية ، فإنّ ردّ الشهادة مع الجلد ، والحكم بالفسق ، يجمعهما أمر واحد ، وهو الانتقام والذّم ، وإضمار الأولى ، في الثانية والثّالثة. (٤)
احتجّ الشافعي بوجوه :
__________________
(١) في «أ» : القصّة.
(٢) النور : ٤.
(٣) في «أ» : القصّة.
(٤) المعتمد : ١ / ٢٤٦ ، نقله المصنّف بتلخيص.