وبين المستثنى ، حتّى يصحّ استثناء كلّ شيء من كلّ شيء ، لأنّ كلّ شيئين لا بدّ وأن يشتركا من بعض وجوه ، فإذا حمل المستثنى على ذلك المشترك ، صحّ الاستثناء.
ولمّا لم يصحّ في العرف استثناء كلّ شيء من كلّ شيء ، علمنا بطلان هذا القسم. (١)
وفيه نظر ، لأنّ أهل اللّغة إن منعوا من ذلك ، لم يلزم خروج اللّفظ عن كونه حقيقة في المطلق ، وإن لم يمنعوا منعنا من عدم الصّحّة.
الثالث : استعماله في المنفصل إمّا لكون اللّفظ حقيقة فيه بخصوصيّة ، أو لمعنى مشترك بينه وبين المتّصل ، والقسمان باطلان ، فاستعماله منه على سبيل الحقيقة باطل امّا الأوّل فلانّه ان كان حقيقة في المتصل لزم الاشتراك ، وهو خلاف الأصل ، وإن لم يكن حقيقة فيه ، كان مجازا فيه ، وحقيقة في المنفصل ، وذلك خلاف الإجماع.
وأمّا الثاني ، فلأنّه لو كان كذلك ، لكان متواطئا ، والتالي باطل ، وإلّا لم يسبق الفهم إلى أحد جزئيّاته ، إذ هو شأن المتواطئ ، لكن السّبق موجود ، ولهذا حكم فقهاء الأمصار عليه ، دون المنقطع ، إلّا عند تعذّره وتأوّلوا : «له عندي مائة درهم إلّا ثوبا» وشبهه بقوله: إلّا قيمة ثوب. (٢)
وفيه نظر ، لجواز التشكيك ، وإضمار القيمة ليس باعتبار المجاز ، بل لضرورة الإخراج.
__________________
(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٠٨.
(٢) الاستدلال للآمدي في إحكامه : ٢ / ٣٩٤.