ومنه يظهر وجه فرق
المتأخّرين بين حالتي الحضور والغيبة بوجوب الإحضار في الاولى مطلقاً ولو لم يحرّر
الدعوى ، وعدمه في الثانية قبل تحريرها ، ومحصّله عدم لزوم المشقّة بإحضاره في
الأُولى ولزومها في الثانية ، وبذلك صرّح أيضاً جماعة .
وناقشهم في ذلك
بعض متأخّري المتأخّرين ، نظراً منه إلى أنّ في مطلق الإحضار ولو حالة الحضور
مشقّة ، ولذلك احتمل اختصاص وجوب الإحضار مع الحضور بصورة تحرير الدعوى وسماعها ،
وله وجه.
إلاّ أنّ الإجماع
الظاهر والمحكي حتى في كلامه كفانا مئونة البحث في ذلك ، سيّما مع اعتضاده بما
ذكره من أنّ ذلك كان معمولاً في الزمن السابق إلى الآن من غير إنكار.
(
الخامسة : ) بذل ( الرشوة ) وأخذها
( على الحكم حرام ) بالإجماع ، والسنّة المستفيضة المتقدّم إليها وإلى جميع ما يتعلّق بالمسألة
الإشارة في الفصل الأوّل من كتاب التجارة.
بقي فيها شيء لم
نشر إليه مفصلاً ثمّة ، وهو الفرق بين الرشوة والهدية ، حيث تجوز له مطلقاً أو في
الجملة ، على تفصيل تقدّم ذكره ثمّة ، فقيل : بأنّ الرشوة هي التي يشترط باذلها
الحكم بغير حق والامتناع من الحكم به ، والهدية هي العطية المطلقة .
وهذا الفرق يناسب
ما أطلقه الماتن في الشرائع من اختصاص
__________________