الصحيحين منها وغيرها بعد ضمّ بعضها إلى بعض كفاية حسن الظاهر ، كما عليه من متأخّري المتأخّرين جماعة (١).
والفرق بينه وبين الملكة احتياجها إلى المعاشرة الباطنيّة مدّة مديدة يحصل فيها الاطلاع على السريرة ولو في الجملة ، دون حسن الظاهر ؛ للاكتفاء فيه بالمعاشرة الظاهرة من نحو ما مرّ في جملة من الروايات المتقدّمة ، من مثل رؤيته مواظباً على الصلوات الخمس في جماعة ، كما في الصحيح منها ، أو معاملته مع الناس فلم يظلمهم ، وإخبارهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، كما في جملة عديدة منها.
وهذا أوفق بما هو الظاهر من حال السلف ، والمنقول عنهم ، وبدونه لا يكاد ينتظم الأحكام للحكّام ، خصوصاً في المدن الكبيرة ، وللقاضي المنفذ إليها من بلاد بعيدة ، وهو في غاية من القوة إلاّ أنّ الاحتياط في المصير إلى الأوّل البتّة ، هذا.
مع أنّ الذي يقتضيه التدبّر في حسن الظاهر المستفاد من الأخبار عدم منافاته للقول بالملكة من حيث التعبير عنه في الصحيح منها برؤيته مواظباً على الصلوات الخمس ، ومعروفيّته بالستر والعفاف ، وكفّ البطن والفرج عن المحرمات. وهما سيّما الثاني تتوقفان على نوع معاشرة واختبار مطلع على باطن الأحوال ، وذلك فإنّه لا يقال : فلان معروف بالشجاعة مثلاً ، إلاّ بعد أن يعرف حاله في ميدان القتال ومناضلة الأبطال ، فإذا كان ممّن يقتل الرجال ولا يولّي الدبر في موضع النضال ويقاوم الشجعان ويصادم الفرسان صحّ وصفه بالشجاعة ، وأنّه معروف بها ، وكذلك فيما
__________________
(١) مدارك الأحكام ٤ : ٦٦ ، الكفاية : ٢٧٩ ، مفاتيح الشرائع ٣ : ٢٦١.