وهذه النصوص مع كثرتها وموافقتها الكتاب ، والسنّة المستفيضة ، بل المتواترة ، كما مرّ إليه الإشارة ، واعتبار سند جملة منها ، وانجبار باقيها بالشهرة العظيمة بين أصحابنا التي كادت تكون إجماعاً أظهر دلالةً من الروايات الماضية.
بل التعارض بينهما تعارض المطلق والمقيد ، كما صرّح به جماعة (١) ، فإنّ الأخبار السابقة على تقدير دلالتها جملةً لا تدل إلاّ على أنّ المسلم الذي لم يظهر منه فسق مقبول الشهادة ، وهو مطلق يعم ما لو كان متصفاً بالملكة ، أو حسن الظاهر ، أم لا وهذه النصوص كما عرفتها كالصريحة بل صريحة في اعتبار الشيء الزائد على ما في تلك ، فلتكن به مقيّدة.
وبالجملة لا ريب في ضعف القول الأوّل ولا شبهة.
بقي الكلام في ترجيح أحد القولين الأخيرين ، والمشهور القريب من الإجماع ، بل المجمع عليه كما يستفاد من كنز العرفان وغيره ، كما مرّ (٢) الثاني ، وهو الأوفق بالأُصول ، وما دلّ على اعتبار العدالة ومنع قبول شهادة الفاسق ، بناءً على ما مرّ قريباً من اعتبار الوصفين في نفس الأمر ، ولا يمكن المعرفة بهما من دون توسط النقل والقرائن القطعيّة إلاّ بالمعاشرة الباطنيّة المطلعة على الباطن والسريرة ، وإن لم يعلمها كما هي غير الله سبحانه ، لكن يتعيّن أقرب المجازات حيثما تعذرت الحقيقة.
وهذه القاعدة في غاية من المتانة ، سيّما بعد الاعتضاد بالأُصول المتقدمة والشهرة العظيمة. إلاّ أنّ المستفاد من تتبع الأخبار السابقة وسيّما
__________________
(١) الوافي ١٦ : ١٠١٥ ، كشف اللثام ٢ : ٣٣١.
(٢) راجع ص : ٣٩.