٢٠٢٠ ـ حسبت التّقى والجود خير تجارة |
|
رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا (١) |
أي : تيقّنت ؛ لأنه لا يليق الشكّ بذلك ، وإنما اضطررنا إلى جعلها في الآية الكريمة بمعنى اليقين ؛ لأنّ «أن» المخففة لا تقع إلا بعد يقين ، فأمّا قوله : [البسيط]
٢٠٢١ ـ أرجو وآمل أن تدنو مودّتها |
|
وما إخال لدينا منك تنويل (٢) |
فظاهره : أنها مخفّفة ؛ لعدم إعمالها ، وقد وقعت بعد «أرجو» و «آمل» وليسا بيقين ، والجواب من وجهين :
أحدهما : أنّ «أن» ناصبة ، وإنما أهملت ؛ حملا على «ما» المصدريّة ؛ ويدلّ على ذلك أنها لو كانت مخفّفة ، لفصل بينها وبين الجملة الفعلية بما سنذكره ، ويكون هذا مثل قول الله تعالى : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة : ٢٣٣] ؛ وكقوله : [البسيط]
٢٠٢٢ ـ يا صاحبيّ فدت نفسي نفوسكما |
|
وحيثما كنتما لقّيتما رشدا |
أن تحملا حاجة لي خفّ محملها |
|
تستوجبا نعمة عندي بها ويدا |
أن تقرآن على أسماء ويحكما |
|
منّي السّلام وألّا تشعرا أحدا (٣) |
فقوله : «أن تقرآن» بدل من «حاجة» ، وقد أهمل «أن» ؛ ومثله قوله : [مجزوء الكامل]
٢٠٢٣ ـ إنّي زعيم يا نوي |
|
قة إن نجوت من الرّزاح |
ونجوت من وصب العدو |
|
ومن الغدو إلى الرّواح |
أن تهبطين بلاد قو |
|
م يرتعون من الطّلاح (٤) |
وكيفما قدّر فيما ذكرته من الأبيات ، يلزم أحد شذوذين قد قيل باحتمال كلّ منهما : إمّا إهمال «أن» ، وإمّا وقوع المخفّفة بعد غير علم ، وعدم الفصل بينها ، وبين الجملة الفعليّة.
والثاني من وجهي الجواب : أنّ رجاءه وأمله قويا حتّى قربا من اليقين ، فأجراهما مجراه في ذلك.
وأما قول الشاعر : [الخفيف]
٢٠٢٤ ـ علموا أن يؤمّلون فجادوا |
|
قبل أن يسألوا بأعظم سؤل (٥) |
__________________
(١) تقدم.
(٢) البيت لكعب بن زهير ، ينظر : ديوانه (٥٩) ، الأشموني ٢ / ٢٩ ، الخزانة ٤ / ٧ ، التصريح ١ / ٢٥٨ ، الدرر ١ / ٣١ ، الدر المصون ٢ / ٥٧٨.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : أوضح المسالك ١ / ٣٧٣ ، شرح التصريح ١ / ٢٣٣ ، الدرر ٢ / ١٩٧ ، تخليص الشواهد ٣٨٣ شرح ابن عقيل ١٩٦ ، قطر الندى ١٥٥ ، المقاصد النحوية ٢ / ٢٩٤ ، همع الهوامع ١ / ١٤٣ ، الجنى الداني ص ٢١٩ ، الدر المصون ٢ / ٥٧٩.