على المصدر ، فإنّه يعمل قبل أن يوصف ، نحو : يعجبني ضرب زيدا شديد.
والجمهور على «يبتغون» بياء الغيبة ، وقرأ حميد بن قيس ، والأعرج (١) «تبتغون» بتاء الخطاب ، على (٢) أنّه خطاب للمؤمنين ، وهي قلقة ، لقوله : (مِنْ رَبِّهِمْ) ولو أريد خطاب المؤمنين ، لكان تمام المناسبة «تبتغون (فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) و (مِنْ رَبِّهِمْ) ، يجوز أن يتعلّق بنفس الفعل ، وأن يتعلّق بمحذوف على أنّه صفة ل «فضلا» ، أي : فضلا كائنا (مِنْ رَبِّهِمْ).
وقد تقدّم الخلاف في ضمّ راء «رضوان» في آل عمران.
وإذا علّقنا (مِنْ رَبِّهِمْ)(٣) بمحذوف على أنّه صفة ل «فضلا» ، فيكون قد حذف صفة «رضوان» لدلالة ما قبله عليه ، أي : ورضوانا من ربّهم.
وإذا علّقناه بنفس الفعل لم يحتج إلى ذلك.
فصل
قيل : المراد ب «الفضل» الرّزق بالتّجارة و «الرّضوان» ، أي : على زعمهم ؛ لأنّ الكافر لا نصيب له في الرّضوان.
قال العلماء (٤) : المشركون كانوا يقصدون بحجّهم رضوان الله ، وإن كانوا لا ينالون ذلك فلا يبعد أن يحصل لهم بسبب ذلك (٥) القصد نوع من الحرمة.
وقيل : المراد بفضل الله الثّواب ، وبالرّضوان أن يرضى الله عنهم ؛ وذلك لأنّ الكافر وإن كان لا ينال الفضل والرّضوان لكنّه يظنّ [أنّه بفعله طالب لهما](٦) فوصف بذلك بناء على ظنه ، كقوله : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ) [طه : ٩٧] ، وقوله : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان : ٤٩].
فصل
قال قوم : هذه الآية منسوخة ؛ لأنّ قوله تعالى : (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) يقتضي حرمة القتال [في](٧) الشّهر الحرام ، وذلك منسوخ يقول الله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] ، وقوله : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) يقتضي حرمة منع
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٤٣٥ ، والدر المصون ٢ / ٤٨١ ، إلّا أن السمين عكس ، فقال : والجمهور على «تبتغون» بتاء الخطاب ، على أنه خطاب للمؤمنين ، وهي قلقة لقوله : «مِنْ رَبِّهِمْ».
وبمقارنة النصين يتضح أن هناك سقط من عبارة «السمين».
(٢) في أ : علما.
(٣) في أ : وبهم.
(٤) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٠٢.
(٥) في أ : بذلك.
(٦) في أ : ذلك من زعمه.
(٧) سقط في أ.