فإن قيل : الحرز عادة ما نصب لحفظ الأموال ، وهو يختلف في كلّ شيء بحسب عادته(١).
قال ابن المنذر : ليس فيه خبر ثابت.
فالجواب (٢) : وإن سرق من غير حرز لا قطع لقوله عليه الصلاة والسلام : «لا قطع في ثمر معلّق ولا في حريسة جبل ، وإذا آواها المراح والحرز فالقطع فيما بلغ ثمن المجنّ» وقال عليه الصلاة والسلام : «ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع» (٣).
وإذا سرق من مال فيه شبهة ، كالعبد المسروق في مال سيّده ، والولد من مال والده ، والوالد من مال ولده ، وأحد الشريكين من مال المشترك لا قطع عليه.
فصل فيما إذا اشترك جماعة في سرقة
إذا اشترك جماعة في سرقة نصاب من حرز ، فلا يخلو : إمّا أنّ بعضهم يقدر على إخراجه أو لا يقدر إلا بمعاونتهم ، فإن كان الأول فقيل : يقطع ، وقيل : لا يقطع ، وهو قول أبي حنيفة والشافعي ، فإذا نقب واحد الحرز وأخذ الآخر ، فإن كان انفرد كل واحد بفعله دون اتفاق منهما ، فلا قطع على واحد منهما ، وإن تفاوتا في النّقب وانفرد أحدهما بالاخراج خاصة ، فإن دخل أحدهما وأخرج المتاع إلى باب الحرز فأدخل الآخر يده فأخذه ، فعليه القطع ويعاقب الأول ، وقيل: يقطعان وإن وضعه خارج الحرز فعليه القطع لا على الآخذ.
فصل في حكم النبّاش
والقبر والمسجد حرز فيقطع النّباش عند الجمهور ، وقال أبو حنيفة : لا يقطع ؛ لأنّه سرق من غير حرز مالا معرّضا (٤) للتّلف لا مالك له ؛ لأنّ الميّت لا يملك.
فصل
قال الشافعي (٥) ـ رضي الله عنه ـ للمولى إقامة الحدّ على مماليكه ، وقال أبو حنيفة ـ رضي الله عنه ـ : لا يملك ذلك.
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ٣٤.
(٢) ينظر : المصدر السابق ٢ / ٣٥.
(٣) أخرجه أبو داود ٤ / ١٣٨ في الحدود : باب القطع في الخلسة والخيانة (٤٣٩٢ ـ ٤٣٩٣) والترمذي ٤ / ٤٢ ، في الحدود : باب ما جاء في الخائن والمختلس (١٤٤٨) والنسائي ٨ / ٨٩ ، في السرقة : باب ما لا قطع فيه (٤٩٧٥) ، وابن ماجه ٢ / ٨٦٤ ، في الحدود : باب الخائن والمنتهب (٢٥٩١) ، وابن حبان ذكره الهيثمي في موارد الظمآن (٣٦١) ، باب فيمن لا قطع فيه (١٥٠٢) ، (١٥٠٣) ، وقال الزيلعي في نصب الراية : وسكت عنه عبد الحق في أحكامه وابن القطان بعد ، فهو صحيح عندهما.
(٤) في أ : بمالا معرض.
(٥) ينظر : الرازي ١١ / ١٨٠ ـ ١٨١.