قوله : «وما ذبح على النّصب» رفع ـ أيضا ـ عطفا على «الميتة».
واختلفوا في النّصب ، فقيل : هي حجارة ، كانوا يذبحون عليها ، ف «على» هنا واضحة.
وقيل : هي الأصنام ؛ لأنّها تنصب لتعبد ، فعلى هذا في «على» وجهان :
أحدهما : أنها بمعنى اللام (١) ، أي : وما ذبح لأجل الأصنام ، كذا ذكره أبو البقاء وفيه نظر ، وهو كونه قدّر المتعلّق شيئا خاصا.
والجمهور على «النّصب» بضمتين ، فقيل : هو جمع «نصاب» (٢).
وقيل : هو مفرد ويدل له قول الأعشى : [الطويل]
١٩٢٦ ـ وذا النّصب المنصوب لا تقربنّه |
|
ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا (٣) |
وفيه احتمال.
وقرأ طلحة بن مصرّف (٤) بضم النّون وإسكان الصّاد ، وهو تخفيف القراءة الأولى.
وقرأ عيسى (٥) بن عمر : «النّصب» بفتحتين.
قال أبو البقاء : وهو اسم بمعنى : المنصوب ، كالقبض والنّقص ، بمعنى : المقبوض والمنقوص.
والحسن (٦) النّصب بفتح النون وسكون الصاد ، وهو مصدر واقع موقع المفعول به ، ولا يجوز أن تكون تخفيفا كقراءة عيسى بن عمر ؛ لأنّ الفتحة لا تخفّف.
فصل
«النّصب» يحتمل أن يكون جمعا وأن يكون واحدا ، فإن كان جمعا ففي واحده وجوه :
أحدها : أنّ واحده نصاب ونصب ، كحمار وحمر.
وثانيها : أنّ واحدة نصب فقولك : نصب ونصب كسقف وسقف ، وهو قول لابن الأنباري (٧).
__________________
(١) في أ : الكلام.
(٢) في ب : خطاب.
(٣) ينظر : ديوانه (١٣٧) ، الكتاب (٣ / ٥١٠) ، الإنصاف (٢ / ٦٥٧) ابن الشجري (١ / ٣٨٤) ، التصريح (٢ / ٢٠٨) ، شرح المفصل ٩ / ٣٩ ، المغني (٢ / ٣٧٢) ، الأشموني ٣ / ٢٢٦ ، الهمع (٢ / ٧٨) ، شواهد المغني (٢٦٨) ، الدرر (٢ / ٩٥) ، الدر المصون ٢ / ٤٨٦ البحر ٣ / ٤٢٧.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ١٥٣ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٣٩ ، والدر المصون ٢ / ٤٨٦.
(٥) ينظر : القراءة السابقة.
(٦) ينظر : القراءة السابقة.
(٧) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٠٦.