المؤمنين [بأنّ] أهل الكتاب المستمرين على الكفر بمحمد ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ فسقة هو مما ينقمونه» (١).
الثاني : أنّه مجرور عطفا على علّة محذوفة ، تقديرها : ما تنقمون منا إلا الإيمان لقلة إنصافكم وفسقكم ، واتباعكم شهواتكم ، ويدلّ عليه تفسير الحسن البصري «لفسقكم نقمتم علينا ، ويروى لفسقكم تنقمون علينا الإيمان» ، [ويرو ى «لفسقهم نقموا علينا الإيمان». عطفا على محل (أَنْ آمَنَّا) إذا جعلناه مفعولا من أجله ، واعتقدنا أن «أن» في محل جر](٢).
الثالث : أنّه في محل جر بعد حذف الحرف وقد تقدم ذلك في الوجه الخامس ، فقد تحصّل في قوله تعالى : (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ) أحد عشر وجها وجهان في حالة الرفع بالنسبة إلى تقدير الخبر ، هل يقدّر مقدّما وجوبا أو جوازا؟ وقد تقدم ما فيه ، وستة أوجه أنها على الاستئناف ، أخبر أن أكثرهم فاسقون ، ويجوز أن تكون منصوبة المحلّ لعطفها على معمول القول ، أمر نبيه ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ أن يقول لهم : (هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا) إلى آخره ، وأن يقول لهم : إنّ أكثركم فاسقون ، وهي قراءة [جليّة] واضحة.
فصل
وتفسير المعنى على وجوه الإعراب المتقدمة. قال ابن الخطيب (٣) فإن قيل : كيف تنقم اليهود على المسلمين وكون أكثرهم فاسقين.
فالجواب أنه كالتعريض ؛ لأنهم لم يتبعوهم (٤) على فسقهم (٥) أي : أن آمنّا ، وما فسقنا مثلكم وهو كقولهم : «ما تنقم مني إلا أني عفيف ، وأنت فاجر» ، على وجه المقابلة ، أو لأن أحد الخصمين إذا كان متصفا بصفات حميدة وخصمه بضد ذلك كان ذكر صفات الخير الحميدة مع صفات خصمه الذميمة أشد تأثيرا ونكاية من ألّا يذكر الذميمة ، فتكون الواو بمعنى «مع» أو هو على حذف مضاف أي : واعتقاد أن أكثركم فاسقون ، والمعنى : بأن أكثركم فاسقون نقمتم الإيمان علينا.
أو تعليل معطوف على محذوف كأنه قيل : نقمتم لقلة إنصافكم ولأن أكثركم فاسقون.
فصل
اليهود كلهم فسّاق وكفّار فلم خصّ الأكثر بوصف الفسق؟ فالجواب من وجهين :
الأول : يعني أن أكثركم إنّما يقولون [ما يقولون](٦) ويفعلون ما يفعلون طلبا
__________________
(١) في ب : ينتقمون.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٢ / ٣٠.
(٤) في أ : يبغونهم.
(٥) في ب : صنعهم.
(٦) سقط في أ.