الملائكة وغيرها أطوع منكم يعبدوه ويتّقوه ، وهو مع ذلك غنيّ عن عبادتهم ، و «حميدا» (١) مستحقّ للحمد ؛ لكثرة نعمه ، وإن لم يحمده أحد منهم ؛ لأنه في ذاته محمود ، سواء حمدوه أو لم يحمدوه.
قوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) ، قال عكرمة ، عن (٢) ابن عبّاس : يعني : شهيدا أنّ فيها عبيدا.
وقيل : دافعا ومجيرا.
فإن قيل : ما فائدة التّكرار في قوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
فالجواب : أنّ لكل منها وجه :
أما الأول : معناه : لله ما في السماوات وما في الأرض ، وهو يوصيكم بالتّقوى ، فاقبلوا وصيّته.
والثاني : [يقول :](٣) لله ما في السماوات وما في الأرض ، وكان الله غنيّا ، أي : هو الغنيّ ، وله الملك ، فاطلبوا منه ما تطلبون.
والثالث : يقول (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) ، أي : له الملك ؛ فاتّخذوه وكيلا ، ولا تتوكّلوا على غيره.
[و](٤) قال القرطبي (٥) : وفائدة التّكرار من وجهين :
الأول : أنه كرّر تأكيدا ؛ لتنبيه العباد ، ولينظروا في ملكه وملكوته ، أنه غنيّ عن خلقه.
والثاني : أنه كرّر لفوائد : فأخبر في الأوّل ، أنّ الله يغني كلّا من سعته ؛ لأن له ما في السماوات وما في الأرض ، [فلا تنفد خزائنه ، ثم قال : أوصيناكم وأهل الكتاب بالتّقوى ، وإن تكفروا ، فإنّه غنيّ عنكم ؛ لأنّ له ما في السماوات وما في الأرض](٦) ثم أعلم في الثّالث : بحفظ خلقه ، وتدبيره إيّاهم بقوله : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) ؛ لأن له ما في السماوات وما في الأرض ، ولم يقل : من في السّموات ؛ لأن في السّموات والأرض من يعقل ، ومن لا يعقل.
قوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ)(٧)(وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً)(٨)
والمعنى : أنه تعالى قادر على الإفناء والإيجاد ، فإن عصيتموه فإنه قادر على إفنائكم
__________________
(١) في أ : وحيدا.
(٢) في ب : و.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢٦٢.
(٦) سقط في ب.
(٧) سقط في أ.
(٨) سقط في ب.