أيضا](١) «أنعم الله عليهما ، فإنّه قال : «وقراءة من قرأ «يخافون» بالضّمّ شاهدة له ، ولذلك أنعم الله عليهما ، كأنّه قيل : من المخوفين» انتهى.
والقراءة المذكورة مرويّة عن ابن عبّاس ، وابن جبير ، ومجاهد ، وأبدى الزّمخشري ـ أيضا ـ في هذه القراءة احتمالا آخر ، وهو أن تكون من الإضافة ومعناه : من الّذين يخوّفون (٢) من الله بالتّذكرة والموعظة ، أو يخوّفهم وعيد الله بالعقاب.
وتحتمل القراءة ـ أيضا ـ وجها آخر ، وهو : أن يكون المعنى : يخافون ، أي : يهابون [ويوقّرون (٣) ، ويرجع] إليهم لفضلهم وخيرهم.
ومع هذين الاحتمالين الأخيرين ، فلا ترجيح في هذه القراءة لكون الرّجلين من الجبّارين [أما قوله كذلك : (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) ، أي : في كونه مرجّحا أيضا لكونهما من الجبارين] فغير ظاهر ، لكون هذه الصّفة مشتركة بين يوشع (٤) وكالب ، وبين غيرهما ممّن أنعم الله عليه.
قوله : (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) في هذه الجملة خمسة أوجه :
أظهرها : أنّها صفة ثانية فمحلّها الرّفع ، وجيء (٥) هنا بأفصح الاستعمالين من كونه قدّم الوصف بالجارّ على الوصف بالجملة لقربه من المفرد.
والثاني : أنها معترضة وهو ـ أيضا ـ ظاهر.
الثالث : أنّها حال من الضّمير في «يخافون» قاله مكّي (٦).
الرابع : أنّها حال من «رجلان» ، وجاءت الحال من النّكرة ، لأنّها تخصّصت بالوصف.
الخامس : أنّها حال من الضّمير المستتر في الجارّ والمجرور ، وهو (مِنَ الَّذِينَ) لوقوعه صفة لموصوف ، وإذا جعلتها حالا فلا بدّ من إضمار (٧) «قد» مع الماضي ، على خلاف سلف [في المسألة](٨).
فصل
قوله : (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) مبالغة في الوعد بالنّصر والظفر ؛ كأنّه قيل : متى دخلتم باب بلدهم انهزموا ، ولم يبق منهم أحد ، وإنّما جزم هذان الرّجلان في قولهما : (فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) ؛ لأنّهما كانا عارفين صدق موسى ـ عليهالسلام ـ ، فلمّا
__________________
(١) في أ : وكذلك.
(٢) في أ : يخافون.
(٣) في أ : ويؤثرون.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : وهي.
(٦) ينظر : المشكل ١ / ٢٢٤.
(٧) في أ : احتمال.
(٨) سقط في أ.