الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) جملة شرطية ، الشّرط فيها القيام إلى الصلاة ، والجزاء الأمر بالغسل ، والمعلّق على الشيء بحرف الشرط [يعدم عند](١) عدم الشّرط ، فاقتضى أن الأمر بالوضوء تبع (٢) للأمر بالصّلاة.
وقال آخرون : المقصود من الوضوء الطّهارة ، والطّهارة مقصودة بذاتها لقوله تعالى في آخر الآية : (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : «[بني](٣) الدّين على النّظافة» (٤) ، وقال : «أمّتي غرّ محجّلون من أثر الوضوء يوم القيامة» (٥).
والأخبار الواردة في كون الوضوء سببا لغفران الذنوب كثيرة.
فصل
قال داود (٦) : يجب الوضوء لكلّ صلاة لظاهر الآية لأن قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) يقتضي العموم ، [وقال أكثر الفقهاء (٧) : لا يجب].
قال الفقهاء (٨) كلمة «إذا» لا تفيد العموم ؛ لأنّه لو قال لامرأته إذا دخلت الدار فأنت طالق ، فدخلت مرة طلّقت ، فلو (٩) دخلت ثانية لم تطلق [ثانيا](١٠) وإذا قال السيّد لعبده : إذا دخلت السّوق فادخل على فلان ، وقل له كذا وكذا ، فهذا لا يفيد الفعل إلا مرة واحدة.
ويمكن أن يجاب بأنّ التّكاليف الواردة في القرآن مبناها على التّكرير وليس الأمر كذلك في الصور التي ذكرتم فإن القرائن الظاهرة دلت على أنه ليس مبنى الأمر فيها على التكرير ، وأما الفقهاء فاستدلوا على صحة قولهم بأنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم الفتح صلّى صلوات كلّها بوضوء واحد ، وجمع يوم الخندق بين أربع صلوات بوضوء واحد (١١).
وأجاب داود بأنّ خبر الواحد لا ينسخ القرآن ، وقال قوم (١٢) : هو أمر على طريق
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : بيع.
(٣) سقط في أ.
(٤) ذكره الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» (١ / ١٢٥) وقال : لم أجده هكذا وفي الضعفاء لابن حبان من حديث عائشة : تنظفوا فإن الإسلام نظيف والطبراني في الأوسط بسند ضعيف جدا من حديث ابن مسعود بلفظ : النظافة تدعو إلى الإيمان.
وله شاهد عن أبي هريرة بلفظ : تنظفوا بكل ما استطعتم فإن الله بنى الإسلام على النظافة.
ذكره الشيخ على القاري في «الأسرار المرفوعة» (ص ٩٢) وعزاه للرافعي عن أبي هريرة.
(٥) أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ٢٣٥ ، كتاب الوضوء : باب فضل الوضوء ومسلم في الصحيح ١ / ٢١٦ ، كتاب الطهارة : باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء الحديث (٣٥ / ٢٤٦).
(٦) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١١٩.
(٧) ينظر : المصدر السابق.
(٨) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٢٠.
(٩) سقط في أ.
(١٠) في ب : فإذا.
(١١) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٢٠.
(١٢) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥.