الحمام ، ففيه قيمته يصرفها إلى الطّعام ، فيتصدّق به ، أو يصوم عن كلّ مدّ يوما ، واختلفوا في الجراد : فرخّص فيه بعضهم ، وقال : هو صيد البحر ، والأكثرون على تحريمه ، وإن أصابها فعليه صدقة ، قال عمر : في الجرادة تمرة.
وروي عنه ، وعن ابن عبّاس : قبضة من طعام.
قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)(٩٦)
والمراد بالبحر : جميع المياه ، قال عمر : صيده ما اصطيد (١) ، وجميع ما يصطاد من البحر ثلاثة أجناس : الحيتان وجميع أنواعها حلال ، والضّفادع وجميع أنواعها حرام ، واختلفوا فيما سوى هذين.
فقال أبو حنيفة : إنّه حرام ، وقال الأكثرون : إنّه حلال لعموم هذه الآية.
قوله : «وطعامه» : نسق على «صيد» ، أي : أحلّ لكم الصيد وطعامه ، فالصّيد الاصطياد ، والطّعام بمعنى الإطعام ، أي : إنه اسم مصدر ، ويقدّر المفعول حينئذ محذوفا ، أي : إطعامكم إياه أنفسكم ، ويجوز أن يكون الصّيد بمعنى المصيد ، والهاء في «طعامه» تعود على البحر على هذا أي : أحلّ لكم مصيد البحر وطعام البحر ؛ فالطعام على هذا غير الصّيد وعلى هذا ففيه وجوه :
أحسنها ما ذكره أبو بكر الصّدّيق ، وعمر ـ رضي الله عنهما ـ : أنّ الصّيد ما صيد بالحيلة حال حياته ـ والطّعام ما رمى به البحر ، أو نضب عنه الماء من غير معالجة (٢).
وقال سعيد بن جبير ، وسعيد بن المسيّب ، ومقاتل ، والنّخعي ، وعكرمة ، وقتادة : صيد البحر هو الطّريّ ، وطعامه هو المملّح منه (٣) ، وهو ضعيف ؛ لأنّ المملّح كان طريّا وصيدا في أوّل الأمر فيلزم التكرار.
وأيضا : فإنّ الاصطياد قد يكون للأكل ، وقد يكون لغيره كاصطياد الصّدف لأجل اللّؤلؤ ، واصطياد بعض الحيوانات البحريّة لأجل عظامها وأسنانها ، فحصل التّغاير بين الاصطياد من البحر ، وبين الأكل من طعام البحر.
روي عن ابن عبّاس ـ وابن عمر ، وأبي هريرة : طعامه ما قذفه الماء إلى السّاحل
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٦٤).
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٥٨٥) وعزاه لأبي الشيخ من طريق قتادة عن أنس عن أبي بكر الصديق.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٦٤ ـ ٦٥) من حديث ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي وسعيد بن المسيب.
وذكره السيوطي عن سعيد (٢ / ٥٨٦) وزاد نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.