فما يصلح لي؟ قال : «أمّا ما ذكرت من آنية [أهل الكتاب](١) فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها ، وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها ، وكلوا فيها وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل. وما صدت بكلبك المعلّم فذكرت اسم الله عليه فكل ، وما صدت بكلبك غير المعلّم فأدركت ذكاته فكل» (٢).
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) في هذه الهاء ثلاثة أوجه :
أحدها (٣) : أنها عائدة على المصدر المفهوم من الفعل (٤) وهو الأكل ، كأنّه قيل : واذكروا اسم الله على الأكل ، ويؤيده قوله عليهالسلام : «سمّ الله وكل ممّا يليك».
والثاني : أنّه يعود على (ما عَلَّمْتُمْ) ، أي : اذكروا اسم الله على الجوارح عند إرسالها على الصيد ، وقوله عليه الصلاة والسلام : «إذا أرسلت كلبك ، وذكرت اسم الله عليه».
والثّالث : أنها تعود عل ى «ما أمسكن» أي : اذكروا اسم الله على ما أدركتم [ذكاته مما أمسكته](٥) عليكم الجوارح ، وحتى على هذا الإعراب وجوب اشتراط التسمية في هذه المواضع.
ثم قال : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ).
أي : واحذروا مخالفة أمر الله في تحليل ما حلّله وتحريم ما حرّمه (٦).
فصل
قال القرطبيّ (٧) : دلّت الآية على جواز اتخاذ الكلاب واقتنائها للصّيد ، وثبت ذلك في صحيح السّنّة ، وزادت الحرث والماشية ، وقد كان [في](٨) أوّل الإسلام أمر بقتل الكلاب ، وقال : «من اقتنى كلبا إلّا كلب ماشية ، أو صيد نقص من عمله كلّ يوم قيراطان» (٩).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) متفق عليه ، أخرجه البخاري في الصحيح ، الحديث (٥٤٧٨) ، ومسلم في الصحيح ٣ / ١٥٣٢ ، كتاب الصيد والذبائح باب الصيد بالكلاب المعلمة الحديث (٨ / ١٩٣). وينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٢ ، الدر المصون ٣ / ٢٠٤.
(٣) في أ : الأول.
(٤) في أ : الفصل.
(٥) في أ : وكونه مما أمسك.
(٦) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١١٥.
(٧) ينظر : القرطبي ٦ / ٥٠.
(٨) سقط في أ.
(٩) متفق عليه ، أخرجه البخاري في الصحيح ٩ / ٦٠٨ ، كتاب الذبائح والصيد ، باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية الحديث (٥٤٨٠) ومسلم في الصحيح ٣ / ١٢٠١ كتاب المساقاة (٢٢) باب الأمر بقتل الكلاب الحديث (٥٠ / ١٥٧٤) وقوله : (ضاري) أي كلبا معودا بالصيد ، يقال ضري الكلب وأضراه صاحبه : أي عوده وأغراه به ويجمع على ضوار والقيراط ٢١٢٥ غراما ذهبيا.