قال القرطبيّ (١) : جمهور العلماء على أنّ كلّ ما أفرى الأوداج فأنهر الدم فهو من آلات الذّكاة ما خلى السّنّ والظّفر والعظم ، وعلى هذا تواترت الأخبار.
وقال به (٢) فقهاء الأمصار ، والسنّ والظّفر المنهيّ عنهما في التذكية (٣) هما غير المنزوعين ؛ لأنّ ذلك يصير خنقا ، ولذلك قال ابن عباس : ذلك الخنق.
فأمّا المنزوعان إذا فريا الأوداج فالذكاة جائزة بهما (٤) عندهم.
وكره قوم السنّ والظفر والعظم على كلّ حال منزوعان كانا أو غير منزوعين ، منهم إبراهيم والحسن واللّيث بن سعد ، وهو مرويّ عن الشّافعي.
وأقلّ الذّكاة في الحيوان المقدور عليه قطع الحلقوم والمري ، وكماله أن يقطع الودجين معهما ، ويجوز بكل محدّد يجرح من حديد أو قصب أو زجاج أو حجر أو غيره إلّا السّنّ والظفر للحديث المتقدم.
وإنّما يحلّ ما ذكيته بعد ما جرحه السبع فأكل منه شيئا إذا أدركته والحياة فيه مستقرة فذبحته ، فأمّا ما يجرح السبع فيخرجه إلى حالة المذبوح فهو في حكم الميتة فلا يكون حلالا ، والمتردية والنّطيحة إذا أدركتهما حيّة ، قبل أن تصيد إلى حالة المذبوح فذبحتها تكون حلالا ، ولو رمي صيد في الهواء فأصابه فسقط على الأرض [ومات كان حلالا ؛ لأنّ الوقوع على الأرض ضرورته ، فإن سقط على شجر أو جبل فتردّى منه](٥) فمات فلا يحلّ ؛ لأنّه من المتردية ، إلّا أن يكون السهم ذبحه في الهواء فيحلّ كيفما وقع ؛ لأنّ الذبح قد حصل قبل التردية.
فصل
واختلفوا [فيمن رفع](٦) [يده](٧) قبل تمام الذّكاة ثم رجع [على الفور](٨) وأكمل الذّكاة فقيل : يجزئه ، وقيل : لا يجزئه.
فالأول أصحّ ؛ لأنّه جرحه (٩) ثم ذكّاه بعد وحياته مستجمعة فيه.
__________________
ـ (٢٤٨٨) ، وفي ٩ / ٦٣٨ ، كتاب الذبائح والصيد باب ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش الحديث (٥٥٠٩) ومسلم في الصحيح ٣ / ١٥٥٨ ، كتاب الأضاحي باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم الحديث (٢٠ / ١٩٦٨).
(١) ينظر : القرطبي ٦ / ٣٧.
(٢) في أ : بعض.
(٣) في أ : ليذك.
(٤) في ب : بها.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : في المذبوح.
(٧) سقط في أ.
(٨) في أ : حتى.
(٩) في ب : جريحة.